شهدت جازان فجر أمس أمطارا غزيرة لم تشهدها المنطقة منذ سنوات، واستمرت بصفة متواصلة لأكثر من ساعتين، ما تسبب في إعاقة حركة السير بعد تعطل إشارات المرور، واختلاط مياه الأمطار بالصرف الصحي كما داهمت المياه المحال التجارية والمنازل، وبما يؤكد سوء تنفيذ مشاريع تصريف الأمطار المنفذة في المدينة. سلامة الأهالي ووجه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، الجهات المعنية ذات العلاقة باتخاذ التدابير اللازمة، والاستعداد لمواجهة أي خطر، والتصدي لأي طارئ وبشكل عاجل دون تأخر، وكان سموه يتابع الوضع مع الجهات الأمنية والجهات الخدمية الأخرى بصفة متواصلة منذ بدء هطول الأمطار للاطلاع على ما يدور في مدينة جازان والمناطق الأخرى التي تشهد تساقط الأمطار، حتى اطمأن على الوضع العام وسلامة الأهالي. جولة «عكاظ» وللوقوف على حقيقة الوضع، تجولت «عكاظ» أمس في عدد من أحياء جازان، حيث أكد أهالي حي البلد والساحل وحي الشامية، أن المياه غمرت الشوارع وأحاطت بمنازلهم من كل جانب، وبينوا أن مياه الأمطار اختلطت بمياه الصرف الصحي خاصة في حي البلد، الساحل والشامية والتي تعاني أصلاً من سوء التصريف وضعف في شبكات الصرف الصحي. كما رصدت جولة «عكاظ» انسدادات في غرف التفتيش داخل الأزقة والممرات الضيقة في تلك الأحياء، مما أدى إلى صعوبة في مرور الأهالي إلى منازلهم خاصة في الأزقة، ووصل مداها إلى داخل المنازل، وحمل عدد من السكان الجهات المختصة ذات العلاقة مسؤولية سوء تنفيذ عملية تصريف مياه الأمطار داخل شبكات وغرف التفتيش في الأحياء القديمة. توثيق الأضرار ورصدت جولة «عكاظ» المسنة أم محمد من سكان حي الساحل، والتي كانت تستنجد بالمارة حتى يساعدوها في الحصول على «وايت» شفط لسحب المياه من داخل منزلها، وسمحت لعدسة «عكاظ» بتوثيق منزلها المتضرر ورصده بالصور، وكان المنزل عبارة عن منزل شعبي وكان مغموراً بالمياه التي وصل مداها إلى التمديدات الكهربائية، كما رصدت عدسة «عكاظ» بعضا من القاطنين في حي البلد وهم ينزحون المياه من سقف منزلهم الشعبي الذي تضرر بفعل الأمطار في الوقت الذي كانت فيه المياه تخر من سقف الغرف الشعبية في المنزل المتهالك، كما تم رصد التجمعات المائية تغمر الأزقة والطرق الضيقة داخل الأحياء الشعبية، ومداخل السوق الداخلي وحلقة الخضار وأغلب مداخل أحياء مدنية جازان. كما أحاطت التجمعات المائية بالمباني السكنية في جميع أحياء المدينة جازان، وتشكلت بحيرات مائية وزادت من حصيلة المستنقعات المائية في جميع الأراضي البيضاء، ليس هذا فقط، بل أضرت مياه الأمطار بالشوارع وأدت إلى حدوث تشققات في الأسفلت في أغلب شوارع المدينة الرئيسية أو الفرعية،وفي مداخل الأحياء. هشاشة المشاريع وأجمع عدد من المواطنين من سكان مدينة جازان على هشاشة مشروع تصريف مياه الأمطار، الذي تم تنفيذه مؤخراً في بعض الشوارع الرئيسية، وطالبوا المسؤولين في المنطقة بالتدخل لرفع الكارثة التي لحقت بشوارع وأحياء المدينة، وأكدوا أن الأمطار الأخيرة زادت من نسبة المستنقعات المائية والتي تهدد بتفشي الإصابة بحمى الضنك، كما طالبوا أمانة المنطقة بردم المستنقعات وسحب المياه المتجمعة في الأحياء والشوارع العامة والأراضي البيضاء، وإعادة النظر في مشروع تصريف مياه الأمطار والذي وصفوه بالشبكة الهشة والتي لم تحد من الكارثة التي تعرضت لها مدينة جازان وحولت شوارعها إلى بحيرات وذلك بعد ارتفاع منسوب المياه -على حد قولهم-. كما طالب الأهالي إدارة الطرق بإعادة النظر في مشاريع السفلتة والترصيف، واستحداث عبارات خاصة في شارع الكورنيش، شارع بترومين والتي شهدت مؤخرا تنفيذ مشاريع لتصريف مياه الأمطار. خسائر مادية من جهة أخرى، تكبد أصحاب المحال التجارية خسائر مادية كبيرة بسبب مياه الأمطار المتجمعة أمام واجهات محلاتهم -على حد قولهم-، في الوقت الذي تسببت فيه مياه الأمطار الغزيرة في تعطل الإشارات المرورية خاصة في التقاطعات، وبالتالي إرباك حركة السير، ولم تسلم حلقة الخضروات والفاكهة من دهم المياه ومدخل سوق السمك، مما أضر بالسوق وأصحابه، حيث طالب أصحاب هذه المحال وباعة السوق أمانة المنطقة بمعالجة الوضع وحل المشكلة الأزلية التي تتكرر في كل عام خاصة في موسم هطول الأمطار، هذا إلى جانب العديد من المركبات التي تعطلت جراء ارتفاع منسوب المياه وأجبرت أصحابها على مغادرتها وسط الشوارع مما أدى إلى عرقلة حركة السير في عدد من الشوارع. كما تسببت الأمطار التي شهدتها مدينة جازان أمس، في فاجعة كبرى بدت واضحة على نفوس السكان واستمرت لساعات طويلة، بعد أن انقلبت أفراح الأهالي بهطول الأمطار إلى مخاوف حقيقية، جراء تجمع المياه وسط الشوارع، وأمام المنازل في ظل افتقار المنطقة إلى مشاريع صرف صحي حديثة قادرة على تصريف المياه وعدم بقائها وسط الشوارع العامة وسط الأحياء، وباتت تشكل خطرا كبيرا ومحدقا بالسكان والمارة أثناء تنقلاتهم للضرورة القصوى. حالة خوف وتدخلت المركبات الحكومية الخدمية المجهزة لإنقاذ قائدي السيارات الذين تعطلت سياراتهم وسط المياه في الشوارع وسحبهم من داخل مركباتهم الصغيرة، وهم في حالة خوف شديدة من مصير مجهول ينتظرهم أثناء هطول أمطار أمس الغزيرة والمتواصلة والتي لم تشهدها المنطقة من قبل، فيما غادرت أعداد كبيرة من الأسر والعوائل أماكن تنزهاتهم على شواطئ البحر ومجمعات التسوق التجارية، عائدين إلى منازلهم بأقصى سرعة ممكنة، لتجنب أي أخطار محدقة، فيما بدت أماكن التنزه خالية وخاوية وكأنها مدينة أشباح . وتسبب منسوب مياه الأمطار المرتفع في بعض الشوارع، إلى توقف العملية الشرائية بعد إغلاق المحال التجارية أبوابها، بعد أن غاصت معظم شوارع وأحياء مدينة جازان بالمياه التي حاصرت وأحاطت بمداخلها. أمطار غزيرة من جهة أخرى أوضح الناطق الإعلامي في مديرية الدفاع المدني الرائد يحي القحطاني، أن المنطقة شهدت أمس أمطارا متفرقة ما بين متوسطة وغزيرة شملت كلا من مدينة جازان، محافظتي صبيا وضمد، جزر فرسان، محافظة بيش، الحصمة، ووادي جازان وبعض المرتفعات الجبلية والمراكز والهجر، وتسببت غزارة الأمطار في دهم مياه الأمطار لبعض المنازل في مدينة جازان، كما تسببت في تماسات كهربائية كثفت فرق الدفاع المدني من انتشارها في الأحياء المتضررة. وأضاف: تم دعم المنطقة بعدد من الزوارق المطاطية استعدادا لأي طارئ، وسوف يتم توزيعها على مراكز الدفاع المدني في المنطقة. اتباع الإرشادات من جهته، أوضح مدير الدفاع المدني بمنطقة جازان اللواء حسن بن علي القفيلي، أن غرفة القيادة والسيطرة تبلغت عن دخول مياه الأمطار لعدد من المنازل، كما تبلغت غرفة القيادة عن عدد ثلاثة تماسات كهربائية ،وتم انتقال الفرق للموقع والتعامل معها حسب ما تقتضيه الحاجة، مبينا تلقي بلاغ عن تضرر بعض المنازل جراء هطول الأمطار. وأشار اللواء القفيلي، إلى أنه تم استخدام أجهزة شفط المياه، وتم التنسيق مع الأمانة وشركة الكهرباء والدوريات الأمنية وصهاريج الصرف الصحي لشفط المياه من المنازل، ومباشرة المواقع التي حدثت بها تماسات كهربائية بسبب الأمطار، وتم التعامل معها في حينه، وقال: الفرق مازالت تقوم بعملها مع الجهات ذات العلاقة في الميدان، مشدداً على أهمية اتباع إرشادات الدفاع المدني، ومحذرا في نفس الوقت من خطورة الأمطار والسيول وماتخلفه من مخاطر، خاصة وأن المنطقة تشهد موسم هطول الأمطار. وأضاف: إدارة الدفاع المدني تنفذ عمليات الإنقاذ سريعا لتجنب أي خسائر في الأرواح. لا إصابات من جهة أخرى، أكد قائد الدوريات الأمنية في منطقة جازان العقيد علي القحطاني، مشاركة ومساندة الدوريات الأمنية لجهود الأجهزة المعنية الأخرى، وذلك بالتواصل مع الإدارات الحكومية الخدمية في مقدمتها أمانة المنطقة، إضافة إلى مساندة جهود المرور في تنظيم الحركة المرورية، وإرشاد الناس عن أماكن تجمعات المياه الخطرة، والمساعدة في إنقاذ المواطنين المحتجزين مع مركباتهم وسط الشوارع إذا تطلب الأمر . إلى ذلك، لم تتلق غرفة العمليات بفرع جمعية الهلال الأحمر، أي بلاغات عن وجود حالات غرق أو احتجاز مواطنين وإصاباتهم بإصابات بليغة تستدعي الانتقال ونقلهم سريعا للمستشفيات. منظومة خدمية من جانبه، أكد أمين منطقة جازان المهندس عبدالله القرني، أن الأمانة مع بقية الدوائر الحكومية تشكل منظومة خدمية متكاملة في مثل هذه الأحداث، وقال: استنفرت الأمانة جهودها لسحب وإزاحة مياه الأمطار المتراكمة وسط الشوارع وداخل الأحياء، إضافة إلى استئجار أعداد كبيرة من «الوايتات» لمساندة جهود الأمانة في الإخلاء السريع. وأضاف: ستقوم الأمانة بمتابعة الشوارع المتضررة وإعادة تحسينها لتواكب النهضة التنموية الحديثة التي تشهدها منطقة جازان، إضافة إلى قيام فرق وآليات الرش بالأمانة بالوقوف على بعض المستنقعات المائية إن وجدت، ورشها بالمواد الحشرية للتخلص من الأوبئة المحتملة. وزاد: سيتم طرح ما تبقى من مشروع تصريف مياه الأمطار في موازنة هذا العام. إلى ذلك، حذر المهندس عمر الشيخ عضو المجلس البلدي رئيس فرع الهيئة السعودية للمهندسين بجازان، من كارثة وشيكة إذا استمر فشل مشروع تصريف الأمطار ودرء أخطار السيول، وزيادة رقعة المستنقعات الحاضنة للبعوض داخل المدينة.