ين الدبلوماسية التي أعاد إحياءها المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي وتسارع وتيرة التطورات الميدانية في سورية التي من المرجح أن تغير مسار الأحداث على أرض الواقع. أمام هذين المشهدين يحتدم الصراع ليصبح أكثر تعقيدا، وتتوقف الإجابة عن أي تساؤل رهينة لما ستؤول إليه المباحثات الدولية خاصة لجهة التفويض الأمريكي الظاهر لروسيا في إنجاز حل سياسي. فمن يسبق من؟ الدبلوماسية أم الميدان؟. نظام الأسد قرر «الانتحار» في ظل التباطؤ الدبلوماسي وظهور المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي مجددا، فإن الأسئلة المتبقية حيال الأزمة السورية هي: متى وكيف سيخرج النظام السوري بعدما كبد شعبه 45 ألف قتيل وهجر أكثر من ثلاثة ملايين؟ أما الإجابة فتبدو واضحة خاصة وأن النظام قد أعلن إفلاسه قبل أسابيع بإطلاقه عدة صواريخ من طراز سكود في تطور عسكري هو الأول من نوعه على صعيد الصراع الدائر بين الجيش النظامي والجيش الحر. أما كيف؟ فهو نتيجة ازدياد الهوة عمقا واتساعا في الثقة ما بين الجيش ونظامه، ولا يقل عن ذلك أهمية انشقاق أغلب رموز النظام من ضباط وعمداء وعناصر. ولا شك في أن نجاحات الثوار الميدانية أو عناصر الجيش الحر بدأت تمس بالروح المعنوية للعسكريين، هذا إن لم نقل إنها هزت كيان الفرق العسكرية التي ما زالت موالية للنظام، فضلا عن نفاد المال، الذي سيكون اللاعب أو العنصر الأبرز في إسقاط النظام؛ لأنه استنفد كافة السبل في تأمين احتياجات الجنود اللوجستية، لأن الدعم المالي الإيراني لفظ أنفاسه أيضا، كذلك فإن المؤشرات الاقتصادية تؤكد بدورها أن سورية ستشهد سقوطا مدويا في ظل انعدام تحصيل الضرائب ونفاد الوقود إلى جانب العقوبات الدولية التي حالت دون وصول النفط والغاز اللذين يعدان أهم سلعتين تحتاجهما البلاد، وفقدانه السيطرة على حوالي 40% من أراضي الدولة التي سقطت في قبضة الثوار. المؤشرات والدلالات تعددت، والدبلوماسية تأخرت والثوار لن يتراجعوا ولن يفاوضوا، ولم يبق أمام الأسد إلا «استراتيجية الانتحار» التي وضعها مؤخرا، كونه بدأ يفقد كافة وسائل حماية نفسه، ومن المؤكد أنه لن يتمكن من حماية قصره الرئاسي الذي وصل إلى مشارفه الجيش الحر قبل أيام. وأمام الخوف الذي يستشعره النظام بعدما أخرج من كافة المدن والأرياف السورية وانكفائه أمام العمليات النوعية التي يخوضها الجيش الحر عبر استراتيجية الأخير في «إحكام الطوق» التي ينفذها ضد جيش النظام، في شل قدرتهم على التحرك وإجبارهم على المرابضة في أماكنهم، كل هذا هز ثقة الجيش النظامي بمقدرته على تحقيق أي تقدم أو إنجاز، ومنعه من تحريك آلياته ودباباته، لذلك نراه متجها نحو الانتحار، الأمر الذي سيعيد إلى نفوسنا القلق من احتمال أي تصرف متهور يصدر عنه كاستخدام الكيماوي، خاصة وأنه لجأ إلى استخدم صواريخ بعيدة المدى داخل الأراضي السورية، علما أن هكذا صواريخ تستخدم في المعارك بين الدول وليس بين المدن. «الانتحار» مرهون بسلوك الحلفاء وخاصة الروس الذين يتجهون إلى التفاوض، ليس من أجل حليفهم السوري كما يشاع، بل على حليفهم، والعدة أعدت لإجلاء ناسهم عن سورية حيث تنتظر في ميناء طرطوس سفينة مع قوات خاصة.