كيف صدرنا أزماتنا العربية إلى عام 2013؟.. سؤال محوري سعت ندوة «عكاظ» بالقاهرة للإجابة عليه من خلال محاولة استشراف المستقبل باحثة عن ضوء في نهاية النفق قد يشهده العام الجديد.. الندوة التي تحولت إلى ما يشبه ورشة عمل حاولت استقراء الراهن من خلال معطيات الواقع وصولا إلى رصد ملامح المستقبل القريب خلال عام.. ومع مداخلات المشاركين في الندوة تولى الخبير الاستراتيجي اللواء طيار متقاعد محمد عكاشة الملف المصري.. وتحدثت الدكتورة وسام باسندوة الباحثة السياسية اليمنية ورئيسة مجلس إدارة المنظمة العربية للتنمية السياسية عن « يمن 2013».. و«سورية ما بعد السقوط المرتقب للنظام في العام الجديد» تناوله عبدالكريم ريحاوي رئيس الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الانسان ومدير مركز لاهاي لملاحقة المجرمين ضد الانسانية.. ورصد ملامح القضية الفلسطينية فى عامها الجديد الدكتور رياض صيدم أستاذ علم النفس السياسي والكاتب والمحلل الفلسطيني.. وتحدث الدكتور مدحت حماد أستاذ الدراسات الايرانية والخليجية ورئيس المركز المصري للدراسات السياسية والتنموية عن مستجدات أزمة الملف النووي.. وتعرضت الإعلاميتان الليبيتان هناء الزوي وصباح سليمان لما هو متوقع بشأن التطورات فى ليبيا فى ظل الغموض الأمني والاقتصادي على وجه التحديد.. وفي ما يتعلق بالملامح العامة للعالم العربي في ضوء التحديات الداخلية والاقليمية والدولية تحدث الزميل رضا سلامة رئيس تحرير صحيفة الجيل المصرية.. وفي ما يلي أبرز تفاصيل الندوة التي استمرت لأكثر من أربع ساعات. لنبدأ بمصر.. وقد انتهى العام عليها بإقرار دستور غير متوافق عليه.. ومحاولات غير جادة حتى الآن للتوافق ولم الشمل.. ومعارضة نفد رصيدها فى الشارع يبدو أنها ليست مستعدة بعد لاستحقاق الانتخابات البرلمانية التى أصبحت على الأبواب.. وحكومة تشهد تعديلا وسط مطالب بالتغيير.. ونظام مصر على المضي فى نفس الاتجاه مدعوما بتيارات الاسلام السياسى لكن يفتقد القدرة على طرح حلول خلاقة لأزمات مجتمعة تنتج اقتصادا دخل مرحلة الخطر.. هكذا كانت مصر عام 2012 فماذا عن مصر فى عامها الجديد؟ اللواء عكاشة: بالنسبة مصر لست متفائلا «سياسيا الاخوان يتجهون إلى مزيد من احكام السيطرة والتمكين وعيونهم على المشروع الأممى الذى يحلمون به منذ أكثر من 80 عاما، وظهر ضعف ادائهم السياسى وندرة الكفاءات لديهم والشاهد على ذلك مشروعات القوانين فى مجلس الشعب المنحل المتعلقة بسن الزواج والختان والمواقع الاباحية بينما اغفلوا مشاكل المجتمع الحقيقية، وأخلفوا وعودهم أكثر من مرة، واقتصاديا مصر مقدمة على كارثة نتيجة احجام المستثمرين عن الاستثمار فى ظل «الجو الحالي» وتأخر المساعادات والقروض وانتشار الاحتجاجات الفئوية والمشاكل التمويلية التى أغلقت آلاف المصانع، والمحصلة بطالة متزايدة وارتفاع فى الاسعار وتراجع البورصة والعملة المصرية، فالمشهد ويزداد سوءا تحديا يحدث تغيير حقيقى فى السياسات، والآن تم اقرار الدستور والسلطة التنفيذية فى يد الرئيس وانتقلت السلطة الى مجلس الشورى والاخوان يسيطرون على السلطتين معا. هل تتجه مؤسسة الرئاسة إلى احداث توافق أم مزيد من الانقسام فى المجتمع؟ اللواء عكاشة: ولقد كنا وما زلنا نتمنى ان يكون رئيسا لكل المصريين لكن جميع القرارات بدءا من قرار عودة مجلس الشعب مرورا بتحصين الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى وصولا للاستفتاء على الدستور تحدث مزيدا من الانقسامات بين الرئاسة والاخوان وانصارهم من جهة ومختلف القوى السياسية من جهة أخرى، والمؤسف ان الانقسام وصل إلى الشارع بل إلى الأسرة الواحدة بشكل غير مسبوق فى تاريخ مصر. وماذا عن الانتخابات البرلمانية القادمة؟ اللواء عكاشة: الاخوان والسلفيون سيحصدون اغلبية فى البرلمان الجديد ما لم تتحد القوى السياسية الأخرى وتخوض المعركة الانتخابية بقائمة واحدة، ويفسر ذلك بالآلة التنظيمية والتعبوية الكبيرة للاخوان والسلفيين مقابل تشرذم وتفتت القوى الأخرى التى يمكن فى حال توحدها ان تحقق انجازا كبيرا يغير شكل الخريطة السياسية تماما. فشل اقتصادي وسياسي ولكنك سيادة اللواء ترسم صورة سوداوية أكثر تتجاوز بعض معطيات الواقع؟. اللواء عكاشة: بالعكس لقد شهدنا أحيانا بوادر «حرب أهلية» وتجلى ذلك فى أحداث «الاتحادية» وأمام مسجد القائد ابراهيم بالاسكندرية واحداث شارع محمد محمود وأمام مجلس الوزراء. د. وسام باسندوة: سياسات الاخوان فى التمكين والمشروع الأممى واقصاء الآخر وانتهاج مشروع اقتصادى رأسمالي واضحة تماما وتتماهى مع اطروحاتهم السياسية والاقتصادية على مدار عقود طويلة ولكن المفاجأة فى نقطتين.. اولاهما.. عدم قدرتهم على جلب أموال واستثمارات رغم ان كثيرين منهم رجال أعمال واصحاب مشروعات كبيرة داخل وخارج مصر وكان منطقيا ان يجلبوا استثمارات هائلة لتحقيق نجاحات اقتصادية «للتغطية» على وضعهم وثانيتهما.. اكتشافنا ان كوادرهم غير مؤهلة وغير كفؤة ولا تستطيع إدارة دولة بحجم مصر بنجاح رغم الصورة المغايرة التى سوقوها فى السابق. رياض صيدم: القوى السياسية المدنية والليبرالية أيضا لم تكن مهيأة للتعاطى مع المعطيات الجديدة وبدا ضعفهم واضحا جدا فى معظم الأحداث والشارع سبقهم كثيرا، وعلميا لا يجب ان نلقى كل اللوم على الاخوان الذين مارسوا السياسة معظم الوقت «تحت الأرض» ولم يكتسبوا سابق تجربة فى إدارة الدولة او العمل فى الإطار الرسمى المشروع قانونا. اللواء عكاشة: طبعا الخبرات التنظيمية للقوى المدنية ضعيفة لأنها مارست العمل فى ظل نظام ضيق عليها كثيرا، أو هى قوى تشكلت وتبلورت بعد ثورة 25 يناير ولم تتمكن بعد من تطوير ادواتها، ولعل الدليل على ذلك انصرافهم من ميدان التحرير فى 11 فبراير 2011 وتركهم الإخوان يقطفون وحدهم ثمار الثورة، بالإضافة لعملهم بروح الفرد وتفشي داء الزعامة والأنا دون العمل بروح الفريق والجماعة البعض يقول ان جزءا كبيرا من المشكلة ان الرئاسة والمناصب السياسية للقوى الدينية أصبحت للكثيرين حلما شخصيا وليست مشروعا وطنيا، رأى اللواء عكاشة: نعم انهم هواة يفتقدون الخبرة السياسية وأحيانا الوازع الوطني. الثورة أنثى عبدالكريم ريحاوى: سيطرة الاخوان كانت شيئا متوقعا، وثورات الربيع العربى لا تنتهى بسقوط الأنظمة، ولكننا بحاجة إلى ثورة حقيقية بعد سقوط النظام، فالثورات كانت بالصدفة ولم يكن مخطط لها، وان اثبتت ان التغيير السلمى ممكن، فهى بدأت شرارة تحولت من مكان لمكان وصارت حريقا والتجربة التونسية اثبتت ان «الثورة أنثى»، حيث اندلعت بصفعة الشرطية «إيمان» على وجه «محمد البوعزيزى»، فلو كان الذى صفعة رجلا لما شاهدنا ثورة تونسية، وبالتبعية ما اشتعلت الثورات الأخرى، فالرجل -بو عزيزى- انتفض وأشعل النيران فى نفسه ثأرا لذكوريته التى أبت ان تصفعه أنثى على وجهه، فنحن مدينون للمرأة وللشرطية إيمان المفجرة الحقيقية للثورة التونسية ومن ثم للربيع العربى. سقوط النظام السوري وتوابعه ماذا عن سورية فى عامها الجديد: مستقبل النظام.. المواقف الدولية والاقليمية.. المبادرات المتعثرة.. المعارضة وهل ستنجح فى لم شعثها وبلورة رؤية لمرحلة ما بعد السقوط، عمليات الجيش الحر والانشقاقات هل تصبحان أكثر تأثيرا.. التواجد السافر للقاعدة في الداخل السورى والقلاقل الطائفية وشبح الحرب الاهلية؟ عبدالكريم ريحاوى: الأيام القليلة القادمة بدايات العام الجديد ستشهد سقوط بشار الأسد، فالمعارضة الشعبية المسلحة -وهذا هو التوصيف الصحيح وليس الجيش الحر- صارت أكثر توحدا وتنظيما وتنسيقا وحققت انتصارات كبيرة، والآن أكثر من 75% من الأرض السورية تحت سيطرة الثوار ويوميا يحققون انجازات جديدة فى طريق تحرير سورية بالكامل، وهناك ادراك اقليمى ودولى لحقيقة ما يجرى على الأرض والتغير فى المواقف وان بدا بشكل خجول، وهناك حديث فى الكواليس عن صفقات بين امريكا وروسيا بمشاركة إيران لضمان خروج الأسد من المشهد السورى، والأطراف الاقليمية والدولية تنحو تجاه التسليم بهذا الواقع الذى صنعه المقاتلون والثوار وتدلل على ذلك التصريحات الأخيرة الصادرة من موسكو التى تؤشر لقرب نهاية بشار الأسد. هل تقسيم سورية وارد خصوصا مع ما تردد عن توجه الأسد لتأسيس دولة علوية فى الساحل السورى؟ عبدالكريم الريحاوى: انه سيناريو مطروح داخل معسكر بشار الأسد فى حال سيطرت قوات المعارضة على دمشق بالكامل، وبالتالى لجوؤه وتحصنه فى منطقة الساحل التى تتركز بها الطائفة العلوية التى ينتمى إليها، وخاصة انها مناطق مكدسة بالسلاح، ولكن ما يفشل هذا المخطط التداخل الجغرافى والسكانى فى الخريطة السورية، فلا توجد فى سورية مناطق علوية أو سنية خالصة، وإنما التداخل حادث فى كل الأماكن بما فيها الساحل، فهناك 19 قومية وأقلية فى سورية تتعايش منذ مئات السنين، ولم تعرف البلاد الاحتقان أو الفتنة الطائفية إلا على يد الأسد الأب والابن اللذين سعيا لإثارة مخاوف الطائفة العلوية والأقليات عموما لضمان استمرارهم فى الحكم، فقد اخذ الطائفة رهينة للبقاء فى السلطة. وماذا عن التدخل الايرانى؟ عبدالكريم ريحاوى: التدخل الإيرانى يؤجج الفتنة، قوات الحرس الثورى وأيضا قوات حزب الله التى تمارس القتل المنظم ضد الثوار وارتكاب المذابح بحق المدنيين العزل، وفى حمص 6 قرى محتلة من مقاتلى حزب الله الذى يقوم أيضا بقصف مناطق سورية من داخل الأراضى اللبنانية لضمان «ممر شيعى» يربط مناطق بلبنان بطريق حمص مرورا بعراق المالكى وصولا لطهران، كما ان الحرس الثورى الإيرانى يحتل منطقة السيدة زينب بدمشق وطرد السنة منها، ومحصلة ثالوث الشر شبيحة وقوات الاسد وحزب الله والحرس الثورى الإيرانى حتى الآن 45 ألف شهيد سورى و150 ألف مفقود و216 ألف معتقل وعشرات الألوف من المصابين والمعوقين وملايين المهجرين فى الداخل والخارج. ولكن النظام لا يزال قادرا على البقاء؟ ريحاوى: النظام ما زال قادرا على القتل، لكنه ليس بقادر على البقاء أكثر من ذلك، وكل يوم هناك انشقاقات والمركب يوشك على الغرق وكل يوم يقفز منه انصار للنظام. د. وسام باسندوة: ما الذى يمكن ان يعجل بسقوط نظام بشار الأسد؟ ريحاوي دعم المقاومة المسلحة بسلاح نوعى وفتح الحدود المغلقة، وتحويل الدعم المعنوى إلى مادى والتأثير على القوة الدولية وتحييد إيران وحزب الله. وكيف تنظرون الى مساعى الجامعة العربية ومبادرات الممثل الأممى العربى الأخضر الإبراهيمى؟ ريحاوى: قولا واحدا «لا نعول عليها».. وزيارة الابراهيمى لسورية ستكون الأخيرة. أليست هناك بارقة أمل أو مجال لتسوية سياسية؟ ليست هناك أى بارقة أمل، لأن الأسد لم يرتكب أخطاء سياسية، ولكنه من اللحظة الأولى اصبح مجرم حرب، ولو كانت اخطاؤه السياسية كان يمكن اصلاحها، ولم يعد هناك مجال للحديث عن تسويات سياسية، فالحديث عنها اصبح بابه موصدا تماما هكذا أبان ريحاوى. ماذا عن سيناريوهات نهاية النظام؟ ريحاوى: لا بديل عن اسقاط النظام عسكريا، والخشية هنا ان يتم تدخل دولى فى اللحظات الأخيرة لتحقيق شيئين، الأول حماية الاقلية العلوية من محاولات انتقام أو تطهير عرقى، والثانى سرقة الانجاز العظيم للثوار ونسبته إلى القوات الدولية، رغم التضحيات الهائلة للثورة السورية التى استمرت سلمية لمدة 7 أشهر كاملة، وبعد سلسلة من المجازر والاغتصابات وتدمير الاحياء والقرى لجأ الثوار لحمل السلاح للدفاع عن النفس والعرض الذى هو حق مشروع وفقا للأديان ولمبادئ حقوق الإنسان. تاخرنا كثيرا وهل القوى السياسية جاهزة لمرحلة ما بعد الاسد؟ ريحاوى: السوريون تأخروا كثيرا فى فرز قياداتهم السياسية لأسباب عديدة منها غياب التجربة السياسية لأكثر من 40 عاما، وافرز هذا وجود سياسيين افراد وليس جماعات أو تنظيمات سياسية، ولا يوجد حتى الآن حزب سياسى يستطيع نقل البلاد من حالة الفعل الثورى إلى الفعل السياسى، وأخطر ما فى الموضوع اشكالية نزع السلاح من ايدى المدنيين بعد الثورة وكبح جماح رغبات القصاص والانتقام من اتباع النظام والطائفة العلوية بعد نجاح الثورة، والتحدى الحقيقى ان ننجح فى إدارة الخلاف والاختلاف فى إطار مجتمع مدنى وصراع سياسى وليس صراعا عسكريا، واعتقد ان تأجيل سقوط الأسد راجع لعدم اقتناع القوى الدولية بوجود قوى سورية جاهزة لاستلام السلطة، وعدم ضمان ألا تنتقل الأزمة إلى خارج الحدود، لأن الاضطراب فى سورية يعنى الاضطراب فى المنطقة بكاملها، وهناك مخاوف غربية وعربية من تأثيرات الثورة السورية على الاوضاع فى الاردن، وهناك المطلب الاسرائيلى بضمان الهدوء الدائم للحدود كما كان يفعل النظام. معضلات دولية تؤخر السقوط وماذا عن الموقف الاقليمى والدولى.. وخاصة ايران وحزب الله وروسيا؟ عام 2013 لن يشهد حسما فى سورية، لأن ذلك يتطلب تفاهما ايرانيا امريكيا حول الملف النووى لطهران وأيضا تفاهما آخر حول طرق امداد حزب الله وسبل دعم حماس.. ويتساءل: ما الذى يمكن تقديمه لطهران ويدفعها للتخلى عن حزب الله وحماس، وما يمكن تقديمه لروسيا مقابل وجودها العسكرى فى مرفأ طرطوس الذى يمثل آخر موطئ قدم فى المياة الدافئة فى البحر المتوسط، وأيضا الصين التى تعتبر سورية بشار الأسد «بوابة» رئيسية للمنطقة، علما ان بكين ستدشن فى 2013 أول حاملة طائرات صناعة محلية وهى الأكبر عالميا وتعمل بالطاقة النووية، وبالتأكيد ترسخ وجودها كقوى دولية وتعتبر الأسد حليفا استراتيجيا، ويتطلب السماح باسقاط النظام السورى حل هذه المعضلات وإيجاد بدائل لمصالح القوى الكبرى الاقليمية والدولية الاستراتيجية فى سورية، وأعتقد أن سورية يمكن أن يتكرر فيها نموذج النمسا إبان الحرب العالمية الثانية حيث كانت شرارة البدء فى الحرب المدمرة، ويمكن لسورية ان تكون بداية لحرب أو صراعات اقليمية تتخطى حدودها الجغرافية إلى المناطق المحيطة، وهناك احتمالات مجزرة أو فض اشتباك.. والأمور معلقة حتى يونيو 2013. ولماذا يونيو 2013 تحديدا؟ د. مدحت حماد: الموعد مرتبط بالاستحقاق الانتخابات الرئاسية فى إيران، فالعالم ينتظر الرئيس القادم فى طهران بعد احمدى نجاد الذى تساءل أكثر من مرة: لماذا لا يحدث تفاوض مباشر بين المرشد الأعلى (على خامئنى) والرئيس الامريكى باراك أوباما، والأمر معلق أيضا بالبرنامج النووى الإيرانى الذى ترتبط تسويته باستبدال بشار الأسد برئيس سورى آخر موجود الآن فى إيران أو امريكا، ورغم الدعم العربى السورى الجديد وأيضا دعم امريكى وغربى إلا ان الدعم العسكرى الكبير والمؤثر الذى يقلب الموازين على اللأرض متوقف لحين العثور على بديل لبشار الأسد. لكن ايران تعانى من خطر اقتصادى وليست فى موقع قوة يسمح لها بفرض شروطها؟ د. مدحت حماد: باعتبارى خبيرا فى الشؤون الإيرانية والخليجية اؤكد عدم صحة هذه المزاعم مطلقا، لأن دعم بشار الأسد والانفاق على البرنامج النووى الإيرانى والمد الشيعى فى الخارج يتم تحويله من مصادر خارج الموازنة العامة الإيرانية وتحديدا يتم من الصدقات والتبرعات التى تصل إلى الحوزة العلمية فى قم، ومن «خمس الدخل» الذى يوجهه شيعة العالم إلى الحوزة العلمية ولذلك يمكننا التأكيد ان ايران لم تستنزف اقتصاديا حتى الآن نتيجة الحصار الاقتصادى، وهناك سبب إضافى ذلك يتمثل فى ايرادات التجارة غير الشرعية التى تمر عبر طهران عن طريق العراق وافغانستان وباكستان وكردستان العراق والخليج ودول أخرى وهى موارد لا تدرج فى الميزانية الرسمية تصعيد إيراني للملف النووي الملف النووى الايرانى هل تنتزع المفاوضات مع الغرب فتيل الحرب التى تهدد المنطقة كلها، وهل ينجح الداخل فى كبح عناد النظام، وهل تأتى الانتخابات برئيس يجيد لعبة التوازنات، وهل تتوقف ايران 2013 عن اللعب بورقة حلفائها، وهل تقبل بخسارة الملف السورى؟ د. مدحت حماد: البرنامج النووى الإيرانى تجاوز مرحلة امكانية ايقافه أو تدميره حيث وصلت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 56% وربما اوشكت على الوصول ل80%، كما ان إيران نجحت فى انتاج معدات الطرد المركزى وصناعة مفاعلات نووية بالإضافة للصواريخ طويلة المدى وتسير بخطى كبيرة لصناعة حاملة طائرات محلية، فضلا عن نجاحها فى انتاج غواصة ايرانية، كل ذلك يجعل محاولات تدمير البرنامج عديمة القيمة لانهم يمتلكون العلم والتصنيع ولا يحصلون على المفاعلات أو السلاح بطريقة «تسليم المفتاح»، فضلا عن نتائج الاعتداء على إيران وما يعقب ذلك من رد مؤثر يطال الملاحة فى خليج هرمز وايضا اسرائيل ودول الخليج. ليبيا.. انقسام سياسي وتدهور اقتصادي ليبيا المنقسمة بين شرق وغرب والمخطوفة بفعل المليلشيات المسلحة.. والفارقة فى تسديد فاتورة الحرب والمنهكة بعد دخول مرحلة تصفية الحسابات.. والواقعة تحت وطأة الجماعات المتشددة رغم فشل الاخوان فى الوصول الى السلطة.. والفشل السياسى والحديث عن سيطرة أزلام النظام السابق عبر الدولة العميقة.. هل يشهد العام الجديد تغيرا فى الصورة وهل المتغير سلبى ام ايجابى؟ هناء الزوى رغم مشاكل الانفلات الأمنى والسلاح المنتشر والبنية التحتية المتهالكة والاوضاع الاقتصادية التى لا تتناسب مع ثروة ليبيا النفطية الضخمة إلا ان هناك قناعات بتحسين الأوضاع خلال 2013 سواء فى سياق ترسيخ الديمراطية أو فرض القانون وتحقيق الأمن أو فى المجال الاقتصادى بتوزيع عادل للثروة والقضاء على الفساد واهدار الثروة الوطنية. ولكن ماذا عن الانقسامات بين بنغازى وطرابلس.. هل وحدة الجغرافيا الليبية مهددة؟ صباح سليمان: توجه خلافات بين قوى فى بنغازى وأخرى فى طرابلس أقل من من حجمها وتبعاتها على الوحدة الوطنية والجغرافيا، الاخطرهم أزلام القذافى فهم مسؤولون عن تضخيم السلبيات و«النفخ فى النار». في تونس الوضع أكثر تفاؤلا وماذا عن تونس.. ومسارها فى العام الجديد؟ هناء الزوى: تونس تستطيع تجاوز الكثير من الصعاب فى العام الجديد، فالاسلاميون هناك اكثر انفتاحا وتسامحا والطبقة الوسطى واسعة والتعليم جيد، والاستثمار الرشيد للموارد يمكن ان يحقق تقدما كبيرا. ولكن هناك مصادمات بين السلفيين من جهة والقوى النظامية والمدنية من جهة أخرى.. وأيضا احتجاجات شعبية.. واحيانا ضد النظام الجديد؟ هناء الزوى الحالة التونسية فى دول الربيع العربى وتشدد السلفين ظاهرة طبيعية بعد عقود من المغالاة فى قمع الاسلاميين، اما الاحتجاجات الشعبية إلى تراجع الآمال العريضة بعد الثورة فى رفع مستوى المعيشة القطاعات الفقيرة والعاطلة عن العمل. اليمن.. إرهاب وحوار متعثر اليمن.. رغم الاستقرار النسبى الذى تحقق بفضل المبادرة الخليجية وقرارات الرئيس اليمنى وآخرها هيكلة الجيش الا أن الارهاب لا يزال يطلع بوجه القبيح موجها ضرباته هنا وهناك وقصر الرئاسة لا يزال محاصرا بالمعتصمين والحوار لا يزال يتعثر.. والحراك يطرح بقوة ملف الجنوب وفصيل منه يغازل من بيروت الحوثيين.. هكذا كانت آخر المشاهد عام 2012.. فما الذى ستكون عليه صورة اليمن فى العام الجديد؟ د. وسام باسندوة: ان اليمن تتجه بخطوات اسرع نحو الاستقرار والتخلص من هيمنة النظام السابق على مفاصل الدولة وخاصة الجيش والشرطة وأجهزة الدولة المختلفة وهناك تحديات الانفلات الأمنى ووجود خلايا القاعدة وسلاح الحوثيين والوضع الاقتصادى الصعب وتدهور الخدمات من كهرباء ومياه شرب وطرق واتصالات وتجاوز ذلك مرهون بالاستقرار السياسى والأمنى والحصول على دعم عربى ودولى يعزز فرص التنمية ومكافحة الفقر والبطالة والمرض والجهل التى تعد قنابل موقوتة. لكن المشكلات السياسية والأمنية متجذرة حراك فى الجنوب وحوثيون فى الشمال.. وقاعدة فى الوسط والجنوب؟ القاعدة صناعة النظام السابق.. وللجنوب معاناة طويلة من التهميش، بينما الحوثيون وقعوا اتفاقا ما زال مستقر، وهذه المشكلات يمكن تجاوزها بالديمقراطية وارساء قيم المواطنة والحرية والعدالة اجتماعيا، وعندما يختفى التهميش والظلم ستتلاشى كل التحديات، فالامر مقترن بإنجاز التنمية السياسية والاقتصادية، وتغيير قيادات الجيش مؤخرا خطوة جيدة فى درب الاستقرار يمكن البناء عليها وصولا إلى اليمن «السعيد» الجديد بإذن الله. مصالحة أو اسقاط الانقساميين الفلسطينيين ربما الحرب على غزة وحصول فلسطين على عضوية مراقب بالامم المتحدة دفعا بالشأن الفلسطينى الى صدارة الاحداث عام 2012.. لكن هناك ملف المفاوضات المجمد بأمر سياسة فرض الواقع التى تنتجها اسرائيل.. وملف المصالحة المتعثر رغم علو الصوت المنادي به.. والازمة المالية التى تمسك بخناق الضفة.. والاستيطان الذى يلتهم ما تبقى حتى من فلسطين 1967.. كيف ترون المشهد الفلسطينى فى العام الجديد في ضوء معطيات النهايات فى العام المنصرم؟ د. رياض صيدم: عام 2013 سيكون افضل لأننا سنجنى ثلاثة انجازات؛ الاعتراف بفلسطين كدولة بصفة مراقب بالامم المتحدة بما يعنى عدم امكانية اعتبارها أرضا بلا شعب وفقا للمزاعم الاسرائيلية، والثاني انتصار المقاومة فى الحرب الأخيرة على غزة، والثالثة الربيع العربى بما يشكله من دعم رسمى وشعبى أكبر لفلسطين. ولكن ماذا عن امكانية تحقيق المصالحة الوطنية فى العام الجديد؟ د. صيدم: لا خيار ثالثا بين المصالحة أو ربيع فلسطيني يجتث كل المعوقين لوحدة فلسطين أرضا وشعبا، لأن الانقسام يهدد شرعية القضية وشرعية القيادات ويقهر الشعب، واتوقع انجاز ملف المصالحة هذا العام. وكيف ترون الرعاية المصرية للمصالحة بعد وصول رئيس ينتمى للاخوان لسدة الحكم فى القاهرة؟ د. صيدم: انتماء الرئيس المصرى السياسى لن يؤثر كثيرا، لأن القضية الفلسطينية أمن قومى مصرى ومن مصلحة القاهرة تهدئة الأوضاع فى غزة والضفة على السواء، والدور المصرى فى الحرب الأخيرة على غزة خير دليل على ذلك. ولكن حماس الجناح الاخوانى فى فلسطين.. ألا تخشون من انحياز مصر اليهم على حساب فتح؟ د. صيدم: لا نخشى ذلك لان مصر أكبر من ذلك، وهى الأقرب والاقدر على رعاية الوفاق الفلسطينى بحكم الجغرافيا والتاريخ والمصالح أيضا فالقلاقل فى فلسطين يرتد صداها فى سيناءوالقاهرة قبل اى مكان آخر لذلك نحن مطمئنون. وماذا عن الوطن البديل فى سيناء..وحصار غزة..والتسوية النهائية ووضع القدس؟ د. صيدم: هناك ثوابت وطنية فقيادات فتح وحماس رفضت أفكار الوطن البديل ونأمل جميعا فك الحصار بشكل دائم عن غزة ونعتقد أن هذا تحقق بصورة كبيرة، والتسوية النهائية مقترنة بموازين القوى والواقع الدولى والاقليمى، وأي تسوية نهائية لا تتضمن الحقوق الثابتة والمشروعة فى القدس سيسقطها الشعب الفلسطينى. ربيع أم خريف؟ بصورة عامة.. الى أين تتجه دول الثورات العربية بدولها وبالمنطقة.. الى ربيع ام خريف؟ رضا سلامة: كان الربيع العربى حلما فى ليلة صيف ساخنة، فأوشك ان يتحول كابوسا.. لقد انطلق قطار التغيير حاملا آمالا عريضة للطبقات الوسطى والفقيرة فدهس مع بدء انطلاقته الغلابا والفقراء. حلموا بالحرية فجاءتهم ديكتاتورية أشد وطأة متدثرة بشعارات دينية لدين هو براء من كل اشكال القهر والغلظة والقسوة. حلموا بعدالة اجتماعية، فاستيقظوا لا يجدون رغيف خبز يطمعون صغارهم أو أسطوانة غاز أو كوب ماء نظيف. ما أقسى الحياة حين تهدرها فى انتظار ما لا يجيء، هذا حال الناس فى دول الثورات العربية الذين انتظروا الربيع فوصلوا للخريف.. خريف العمر والاحلام. لم يزرعوا الشوك لكنهم حصدوا الجراح.. دولة ديمقراطية تعددية يحتكم اهلها لسيادة القانون وعدالته.. هكذا كانت أمنيات البسطاء التى اضحت سرابا مخاتلا تماما كماء الظهيرة الرقراق فى الفيافى والقفاز فماذا يفعل بسطاء مصر وسائر الأمصار.. ينتظرون حتى يمووتن.. كالإبل التى تموت عطشا والماء على ظهورها محمول.. أم يحتشدون مجددا لثورة الجياع!