على الرغم من التحرك الجدي الذى قامت به الدولة لحل أزمة الإسكان سواء من خلال توفير الدعم المالي أو الأراضي، إلا أن الجهود المبذولة من جانب وزارة الإسكان تبدو خجولة وغير فعالة لحل مشكلة مزمنة تبدت في ارتفاع أسعار الأراضى 60 في المئة خلال عامين أو ثلاثة، والإيجارات بمايزيد على 130 في المئة خلال خمس سنوات وفقا للدراسات المتخصصة. ومن هذا المنطلق لعلي أقترح فتح حوار مجتمعي واسع النطاق للبحث عن الحلول الناجعة للمشكلة السكانية بما يضمن رفع معدلات الوحدات السكنية التى تدخل السوق سنويا، وبأسعار مناسبة وخيارات متعددة للدفع تراعي رواتب الطبقة الوسطى التى تلتهمها حاليا الإيجارات وغلاء الأسعار في كل شيء . ولاشك عندي على الإطلاق أن الوطن يضم الكثير من الخبرات التى يمكنها تقديم بدائل مختلفة في ظل تراجع القدرة الشرائية للكثيرين. وفي اعتقادي أن من أبرز المعطيات التى يجب طرحها هي كيفية التوسع في البناء الاقتصادي، حيث تغيرت مفاهيم السكن عن فترة السبعينيات، ولم يعد غالبية المواطنين اليوم يبحثون عن المنزل المستقل الذى يفوق قدراتهم بكثير، وإنما يمكنهم الآن القبول بشقة مكونة من 3 4 غرف بإيجار معتدل بدلا من نيران الإيجارات التى ارتفعت إلى 30 ألف ريال في الشقة المتواضعة التى لاتكفي أسرة من ستة أفراد . لقد كشفت الدراسات أن البناء الاقتصادي الذي يطبق معايير الهندسة القيمية يمكن أن يخفض 40 في المئة من تكلفة السكن، ومن ثم يمكن أن تتراجع أسعار الأراضي على المدى الطويل، وتنخفض الإيجارات أيضا لزيادة نسبة تملك المساكن التي لاتزال منخفضة الآن . ولعل من المقترحات التى يمكن وضعها على طاولة البحث أيضا ضرورة تكوين تكتلات قوية من الشركات للدخول في مشاريع الإسكان من أجل إنجازها سريعا، إذ لايكفي على الإطلاق انتظار وزارة الإسكان التى لاتزال حائرة في 60 ألف وحدة سكنية منذ عامين وقد يستغرق إنجازها خمسة سنوات أخرى .كما ينبغي أيضا إجراء مراجعة شاملة لشركات التطوير العقاري التى تم التعويل عليها كثيرا في حل مشكلة الإسكان في سنوات سابقة، لكنها تعثرث بشكل ملحوظ نتيجة معوقات عديدة مع الجهات الحكومية المعنية ذات العلاقة. وفي الختام يجب الأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر بعض الأطراف المستفيدة من بقاء الوضع الراهن والتى ستدافع عن استمراره بكل السبل من أجل مصالحها الخاصة التي لاتزدهر سوى في ارتفاع المساكن والأراضي والإيجارات. * رئيس طائفة العقار في جدة