نستطيع القول إن القرارات العسكرية الأخيرة التي أصدرها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي فتحت الباب أمام إعادة بناء المؤسسة العسكرية على قاعدة الشراكة الوطنية، بعيدا عن ثقافة الأسرة والمنطقة والولاءات الضيقة، وهو الأمر الذي ينعكس بدوره على مختلف المؤسسات الوطنية التي ينبغي أن تكون متاحة لكل المواطنين، وفق معيار الكفاءة والقدرات الذاتية بعيدا عن المعايير السلبية الأخرى التي اتخمت الحياة اليمنية بأنصاف القدرات والكثير من السلبيات. إن قرار هيكلة الجيش، وخلط أوراق النفوذ وتوزيعها على أكثر من منطقة هو الحدث الأبرز في العام 2012م ، بل واحد من أهم قرارات التغيير التي جاءت تعبيرا عن نضالات الشعب اليمني وتضحياته، ذلك أن التمترس الضيق وراء منطق القوة التي هي حق كل اليمنيين قد أفضى طوال العقود الماضية إلى حالات من الخراب النفسي والاجتماعي، وبرز منطق الحديث عن أقوياء وضعفاء سواء في الشأن السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي.. الأمر الذي أدى إلى التفاف الجميع حول ثقافة التغيير كوسيلة أخيرة لردع مظاهر الهيمنة الضيقة مناطقيا وفكريا على كل التنوع في الشعب اليمني الذي يزخر بالكفاءات والإمكانيات البشرية. إن القرار الجريء الخاص بهيكلة الجيش هو المدخل الحقيقي لتعميد الشراكة الوطنية بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية واعتبار أن الشعب اليمني هو صاحب المصلحة الحقيقية في التغيير على قاعدة المساواة والعدل، ويبدو الطريق سالكا أمام العديد من القرارات التي تتوخى إنصاف اليمنيين من كثير من مظاهر القهر التأريخي على مر عقود طويلة.