في واحدة من الخطوات الجريئة والصعبة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والمتمثلة في اتخاذ عدد من القرارات المفصلية في جانب هيكلة الجيش والتي بغض النظر عن تفاصيلها الفنية والإجرائية، استطاعت تحريك المياه الراكدة في أماكن ووقت عالي الحساسية، والجميع يتجه نحو مسألة الحوار كونه عتبة أولى في مستقبل الوطن وتخلصه من جراحات وصراعات الماضي، وبذلك يكون الطريق مفتوحا للدخول في حوار خال من ثقل عدد من القوى وما قد تفرضه من إملاءات على خط سير الحوار ومآلاته السياسية والاجتماعية المستقبلية. إن مثل هذه القرارات العسكرية هي اعتراف بالتغيير في أصعب مواقعه وأعتى مفاصله، وهي مسألة ينبغي أن تكون اعتيادية في وطن يعج بالكفاءات والخبرات المختلفة، والتي لا ينبغي أن تكون حكرا على جغرافيا معينة أو ثقافة واحدة، المهم أن يتعود اليمنيون على دوران العجلة السياسية وعلى قضية تداول المواقع، دون أن يكون الاستهداف السياسي فقط هو المرتكز في تحريك دفة الحياة السياسية اليمنية، وإعطائها زخمها الوطني الشامل والعميق؛ لأن المفترض هو أن نراهن على مختلف القدرات والإمكانات البشرية ونمنحها فرصة للتفتح والتنافس الإيجابي بعيدا عن المماحكات السياسية والحصر المناطقي. إنه وقت صعب في حياة اليمنيين، ينبغي أن يعمل الجميع على تقديم التضحيات والتنازلات لبعضهم البعض لأن الأهم هو مقدار حفاظنا على الوطن من الانزلاق إلى هاوية المجهول والتفتت والدمار. وأثق في أن كل اليمنيين بمختلف اتجاهاتهم السياسية والاجتماعية يدركون أن حقيقة وجوهر المستقبل يقومان على الشراكة الوطنية بما يعكس حكمة اليمنيين وإرثهم الحضاري والتاريخي وقدرتهم على تجاوز أصعب الظروف وأكثرها حلكة.