يحوي المجتمع شرائح عدة من البشر، منهم من يحمل قدرا عاليا من المسؤولية تجاه الآخرين، وثمة من يعاني من التبلد والإحساس نحو المحيطين به، حتى لو كانوا أقرب الناس إليه، فمن سنن الله في خلقه أن أوجد المتناقضات مثل الليل والنهار والشمس والقمر والخير والشر وغيرها الكثير. وفي الوقت الذي تحتضن جدة عددا كبيرا من المتطوعين الذين يهبون لمساعدة الآخرين عند حدوث أي طارئ، يوجد في الوقت ذاته من يسعى لإثارة الأزمات والمشاكل للمحيطين حوله، مثل رجل رصدته عدسة «عكاظ» وهو يلقي بسيجارة مشتعلة في حاوية نفايات في كيلو ستة جنوبجدة، فاشتعلت النيران فيها وكادت تنال من المساكن المحيطة بها، لو لا لطف الله ثم تحرك أبناء الحي، الذين عملوا على إخماد الحريق وتطويقه قبل حدوث ما لا يحمد عقباه، فيما توارى الجاني عن الأنظار ولم يجدوا له أثرا، بعد أن حاول إيذاء المحيطين به. واعتبر خالد الغامدي -أحد سكان الحي- تصرف ذلك الجاني غير مسؤول، متسائلا عن المتعة التي كان سيجدها لو اندلع حريق كبير في المنطقة وسقط البعض ضحايا له. وقال الغامدي: «كان من السهل على ذلك المدخن أن يرمي السيجارة في الشارع في أسوأ الظروف ويدهسها بقدمه، ولن يكلفه ذلك الكثير، فذلك أقل ضرر من التخلص منها في حاوية ملأى بالمواد القابلة للاشتعال». وأضاف: «أكاد أجزم أن ذلك المدخن لو كان في يده علبة عصير أو كيس نفايات لفضل رميها في الشارع عوضا عن حاوية النفايات، ونلاحظ هذا التصرف الخاطئ باستمرار»، مطالبا من يمتلك تلك النزعة أن يعرض نفسه على الأطباء النفسيين. بدوره، رجح الأخصائي النفسي سالم عبد الماجد أن يكون ذلك المدخن مصابا بالسادية، وهي الاستمتاع بمآسي الآخرين وإشعالها، لافتا إلى أن ذلك الصنف البشري موجود في كل مكان وزمان. وأرجع الماجد الإصابة بالسادية إلى تعرض المصاب بها إلى الإيذاء البدني والنفسي في طفولته وشعوره بسعادة الآخرين وتلذذهم من ألمه، مشيرا إلى أن مرض السادية ثلاث درجات السادية الإجرامية يمكن أن تصل إلى حد القتل او التمثيل بجسد الضحية وهو حي، وهناك السادية المتوسطة يتم فيها التحكم بحدود العذاب والالتفات لمدى خطورته، والسادية المقبولة وهي تبقى في الذهن كفكرة ولا تتعدى حالة استفزاز الشخص او تهديده.