شهِد الشارع الجداوي بصفة خاصة والسعودي بصفة عامة انقساما حادا حول قرار لوزير الصحة قام بإغلاقِ مستشفى باقدو والدكتور عرفان ما بين مؤيد ومعارض، مستنكر ومرحب، بعضهم طالب بأقصى عقوبة وهي الإغلاق النهائي والبعض الآخر رأى الاكتفاء بغرامة مالية كبيرة وأن إغلاق مستشفى كامل يضم 2200 عامل وموظف وطبيب ثم نشكو من البطالة وإخراج أكثر من 220 سريرا من الطاقة الاستيعابية الكلية ومدينة جدة بحاجة إلى سرير هو بالتأكيد قرار متعسف ويكشف عن الهوة بين المستشفيات والمراكز الطبية ووزارة الصحة، والمواطن الخاسر الأكبر في هذه المعركة غير المتكافئة، وهناك من يجد في عقوبة رادعة وصارمة ضرورة واجبة وبمثابة تحذير لغيره من المستشفيات التي بات الاستهتار بحياة الإنسان علامة واضحة في ممارساتها أو ما يسمى بالأخطاء الطبية وهو ما تشير إليه الإحصائيات عن ارتفاع أعداد الوفيات وحالات الإعاقة بجميع المستشفيات الخاصة والعامة، ورابع يحمل المسؤولية كاملة لوزارة الصحة كونها لم تقم بواجبها كما يلزم، وتقصيرها في المتابعة والإشراف، آراء وآراء وكل من أصحابها يعتقد أنه على حقٍ، وأنه من يفهم ولا سواه. سألني أحدهم عن رأيِ في هذه القضية، رفضت بحجة أني غير محايد، فأصر «صاحبنا» اعتقادا منه عن علاقة ما تربطني بإحدى المستشفيات أو أصحابها وأنه بذلك يستطيع إحراجي ويكشف انحيازي، وبعد إلحاح شديد أكدت له عن تأييدي لقرار حازم مهما كانت كلفته، وعندما بدت علامات التعجب والدهشة على وجهِه أكملت بأنه لو كانت هناك عقوبة أقسى لكنت معها، ولا تلمني في ذلك ولا تستغرب فلا يشعر بهذا الإحساس إلا كل ضحية أو مجني عليه، فقد أبا أو أما، أخا أو أختا، ابنا أو ابنتة، قريبا أو عزيزا بإحدى مستشفياتنا، وأنا أولا وأخيرا بشر وصاحب قضية ولم أدعي الموضوعية أوالحيادية يوما، ولا أنسى أبد الدهر كيف توفيت شقيقتي في مستشفى في جدة، بسبب كمية الجرعة المعطاة والزائدة عن ما يجب من الكيماوي اللعين حيث أنه كان مقررا أربع جلسات «كورسات» فاختفى الورم بنسبة 80 % بعد ثاني جلسة!!! عموما أفقدها ذلك الكيماوي المناعة فسمح للميكروبات المستوطنة في المستشفى من غزو جهازها التنفسي وتمكن من تعطيله فلاقت وجه ربها راضية مرضية شهيدة بإذنه تعالى، رحلت البروفيسورة الدكتورة سوزان محمد بترجي عن دنيانا في 6 صفر 1431ه وهي لم تتجاوز الخمسين عاما وتركت أبناء يتامى ووالدين وإخوة مكلومين وزوجا في حالة ذهول وجميعهم لم ينسوها في دعائهم ولن يغفروا للمتسبب إهماله وجهله أو تقصيره، فهل نفاجأ بعد ذلك عزيزي القارئ بإغلاقِ ذلك المستشفى وكل مستشفى حدثت به أخطاء كارثية، يرحم زمان أيام «الجبيرة» و«اللبخة» و«الكمادات» و «المروخ» و«الكوي» و«كاسات الهوى» و «الحجامة» و«التلفيح بورق الجرائد بعد دهان الأمرتنجن». [email protected]