دعا صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، دول مجلس التعاون الخليجي إلى اعتماد قمة الرياض التشاورية المقبلة موعدا للتصديق على قيام الاتحاد الخليجي، الذي من شأن قيامه أن يمنح منطقة الخليج العربي قوة ومناعة ورفعة. الاتحاد والوحدة لطالما كانا الحلمين العربيين والإسلاميين. حلمان يدغدغان ضمير ووجدان الأمة الطامحة دوما إلى التمكن من عناصر القوة والرقي والتقدم. والمصطلحان لطالما استعملا في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية. إلا أن الدعوة إلى قيام الاتحاد الخليجي تمثل محطة تاريخية بارزة ليس في مصطلح الدعوة إلى الاتحاد، وهو ما اعتدنا سماعه عبر التاريخ، لا، بل تاريخية القضية تنبع من كون أن الدعوة إلى الاتحاد الخليجي هي الدعوة الأكثر جدية وواقعية في المضمون وفي إمكانية التطبيق من كافة الدعوات السابقة. للمرة الأولى، نشهد كمجتمع عربي وإسلامي أن هناك إمكانية لقيام اتحاد حقيقي سياسي وأمني واقتصادي، فما يجمع دول الخليج العربي يفوق كثيرا جدا ببنوده ما يفرقها، فاللغة واحدة والدين واحد والأرض واحدة والتهديدات سياسية كانت أم اقتصادية واحدة، مما يجعل أمر الاتحاد من حيث الشكل تطورا طبيعيا في حركة دول الخليج العربي. ومن حيث المضمون، فإن الغاية في انعقاد هذا الاتحاد تبدو كبيرة، فالعالم الذي تحول إلى قرية صغيرة بفعل عوامل التطور في الاتصالات والإعلام لم تعد فيه الفردية الدولية ذات الشأن والتأثير، بل هو يتجه إلى ما يعرف باستراتيجية الكتل السياسية والاقتصادية والأمنية؛ نظرا لما تؤمنه من حاضنة آمنة للشعوب في الأزمات مهما تنوعت أنواعها وأشكالها. إن المنطقة العربية عامة والخليجية تحديدا تتعرض في هذه المرحلة لتهديدات كبيرة عبر الطموحات الإيرانية الواضحة التي تتمظهر في عدة مشاريع، منها ما يرتدي لبوس الداخل ومنها ما يأتي في دعم بؤر التوتر والإرهاب عبر العالم العربي الإسلامي. إن قيام الاتحاد الخليجي لا بد أن يشكل تحصينا لكافة دول مجلس التعاون الخليجي، لا، بل كافة المنظومة العربية الإسلامية، حصانة تقف سدا منيعا بوجه كل التهديدات والمطامع الخارجية القريبة منها والبعيدة. على دول مجلس التعاون أن تحول قمة الرياض المقبلة إلى حدث تاريخي عبر التصديق على قيام الاتحاد الخليجي ليكون هذا الحدث بمثابة تأكيد على صلابة هذه الدول في تضامنها وتعاونها واتحادها، فالتحديات كبيرة ولا يمكن مواجهتها إلا باتحاد واضح وصريح ومتين، فالغد كما تقول الوقائع يحتاج إلى تظافر جهود الجميع، تضافر منظم ومحكم وليس شعارا وحسب.