«دول الخليج مستهدفة في أمنها واستقرارها». إنه التحدي الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في افتتاح قمة مجلس التعاون الخليجي التي استضافتها الرياض في ديسمبر 2011، تحد أطلقه بروح قيادية تدرك حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها. ومن هنا قرنه بالدعوة لدول مجلس التعاون للانتقال من صيغة التعاون إلى الاتحاد في كيان واحد يضم الدول الست الأعضاء. دعوة ما زالت تشكل تحديا كبيرا لدول مجلس التعاون التي تجد نفسها اليوم في تماس مباشر مع تحديات أمنية وسياسية واقتصادية تجعل كل واحدة منها بحاجة للتعاضد والتضامن والتوحد مع الأخرى بحيث تتمكن من مواجهة كل هذه الاستحقاقات بروح التضامن وبجوهر القوة التي يمنحها اتحاد لا بد أن يشكل تحولا استراتيجيا ليس في الخليج وحسب، بل وفي العالم ككل. من الجزر الإماراتية المحتلة وإطلالة نجاد منها متحديا ومستفزا. مرورا بالبحرين والمؤامرة على استقرارها وتطورها، وصولا إلى المكائد في أكثر من دولة خليجية وانتهاء بالتهديدات تارة عبر صواريخ بعيدة تتحدث الفارسية وطورا عبر قرصنة بحرية وتهديدات بإغلاق الممرات. كل هذه تفرض على دول مجلس التعاون الخليجي في قمتها التشاورية الارتقاء إلى مستوى هول التحديات والعمل بشكل سريع وحازم ودون تردد للانتقال من التعاون إلى الاتحاد. فحجم ما تواجهه يفوق أهمية التعاون وفعاليته، ولا يمكن خوض غمار هذا التحدي إلا عبر هذا الاتحاد الذي لم يعد ترفا بقدر ما بات حاجة ملحة لكل دولة من دول مجلس التعاون. لطالما قيل إن في الاتحاد قوة فكيف إن كان الاتحاد بين دول تمتلك قوة اقتصادية مشهودة، وتمتلك إرادة سياسية عالية، وتمتلك قدرات بشرية متنامية. اتحاد أقوياء لا بد أن ينتج موقفا قويا يوقف مهزلة تطاول الأقزام على العمالقة. وأبعد من ذلك أن هذا الاتحاد بات حاجة ليست خليجية وحسب، بل وعربية إسلامية خاصة مع ضعف وتهالك كافة المؤسسات العربية والإسلامية الجامعة. فهكذا اتحاد قوي سيكون نصيرا قويا للأمة ولشعوب المنطقة، وسيشكل ضمانة وحصنا لاستقرارها وأمنها لأنه سيحدث التوازن المطلوب تجاه الأعداء والمتربصين بهذه الأمة من كافة الاتجاهات واللغات. «إلى الاتحاد يا دول مجلس التعاون الخليجي» هذه المرة تتبنى الشعوب صرخة خادم الحرمين الشريفين والتأخر بولوج هذا المسار لأن الزمن لم يعد فيه متسع من الوقت فالمعركة معركة وجود فإما تكون أمة قادرة على حماية نفسها، أو تكون فريسة الذئاب الداشرة وما أكثرها