ليست الاستحقاقات الغائبة هي وحدها معاناة الممرضات .. لكن المعاناة تمتد إلى متاعبهن مع الورديات الليلية ما يستدعي زيادة حراس الأمن في ساعات المساء وقبل الفجر وهو عين ما فعلته الشوؤن الصحية في المدينةالمنورة عندما عملت على زيادة حراس الممرضات في المستشفيات وأقسام الطوارئ، جاء ذلك بعد مطالبات من العاملات في فترات الليل بعد ظهور حالات تهجم واعتداء لفظي. وكانت «عكاظ» قد تلقت عدة شكاوى من ممرضات في مستشفيات المدينة يعملن في الوردية الليلية وفي قسم الطوارئ عن ما يتعرضن له من مضايقات واحتفظن بأسمائهن خشية العواقب والعقاب من مديري المستشفيات. وأوضحت الممرضات في الشكوى: «نتعرض دائما إلى إهانة من بعض المراجعين، وتتنوع الإهانات ما بين شتم وتلفظ بذيء وسب أمام زملائنا والمرضى، واقتحام لغرفنا الخاصة بحجة البحث عن الطبيب». الممرضات ذكرن أن إحدى زميلاتهن تعرضت للتهديد بالسلاح الأبيض من مراجع ونقلت قضيتها للشرطة، ورغم المعاناة فإن عدد حراس الأمن في أقسام الطوارئ لا يتعدى حارس واحد لا يستطيع حماية قسم بكامله. مديرية الشؤون الصحية في منطقة المدينة قالت ل«عكاظ» بلسان المتحدث الرسمي عبدالرزاق حافظ إن شكوى الممرضات أحيلت إلى مساعد مدير عام الشؤون الصحية للخدمات العلاجية الدكتور محمد حامد الشلاحي، حيث أفاد بأن مثل تلك الأمور خارجة عن الإرادة وتحدث في بعض المستشفيات والمراكز الصحية بسبب الازدحام الكبير الذي يتنهي غالبا إلى انفعال بعض المرضى يكون ضحيته مقدم الخدمة الذي من المفترض أن يتسم بالهدوء وسعة البال، ومن أجل كل ذلك حرصت المديرية العامة للشؤون الصحية في منطقة المدينةالمنورة بتقديم التوعية للمريض بما له من حقوق وما عليه من واجبات، وزيادة حراس الأمن. وأضاف أن فتح مخفر للشرطة في قسم الطوارئ في مستشفيات المدينة ينظر إليه بجدية إلى جانب زيادة حراس الأمن في المناوبات المسائية. في المقابل، أوضح المتحدث الرسمي للشرطة بمنطقة المدينةالمنورة العقيد فهد الغنام أن تزايد شكاوى منسوبي المستشفيات والمراجعين للشرطة لا يعد ظاهرة، لكن هناك بلاغات يتم استقبالها وعند مباشرة الحالة يتضح أنها تتلخص في تقصير خدمة أو نقص في الخدمات. ويتم توجيه أصحاب البلاغات إلى الجهة المختصة، وإذا كانت القضية جنائية يتم التحقيق فيها وإحالتها إلى قسم الشرطة. أطباء قساة في هذه الأثناء، طالب عدد من الممرضات السعوديات بمزيد من المزايا الوظيفية في ظل عملهن الإنساني المداوي لجراح المرضى وأوجاعهم، وطلبت المتحدثات مساواتهن بالأطباء في نيل بدل العدوى وبدل السكن، علما بأنهن عرضة للأمراض مثل الأطباء بسبب تعاملهم المباشر مع الحالات المرضية. وطرحت استشارية التمريض الدكتورة صباح أبو زنادة على الطاولة العديد من التحديات التي تواجهها المرأة العاملة عموما والممرضة خصوصا. وتقول: «إن بعض العائلات لا زالت ترى أن عمل المرأة يعتبر ثانويا وإن مكان المرأة هو بيتها ورعاية أسرتها». وانتقدت أبو زنادة عدم توفر الحضانات ووسائل المواصلات وعدم توفر البيئة الصحيحة في العمل؛ وقلة الرواتب والبدلات. كما انتقدت بشدة تعامل بعض الأطباء مع الممرضات وأسلوبهم المنفر وتسلطهم، وأشارت إلى أن الطاقم التمريضي هو الأكثر تعرضا للمخاطر الصحية والمهنية مثل التعاطي مع حالات العدوى والأدوات الملوثة. ممرضة الدرن فنية التمريض فاطمة تقول: «هناك العديد من الصعوبات التي تواجه الممرضات في مجال عملهن مثل الدوام المسائي أو نظام المناوبات في ظل عدم تقبل الأسر للفكرة فضلا عن مشكلة المواصلات»، وأضافت أن هناك ملاحظات في أسلوب تعامل بعض الأطباء مع الممرضات؛ وأشارت إلى عدم وجود بدل عدوى للممرضة، حيث إنها تتعامل مع جميع شرائح المرضى وتكون معرضة للإصابة، وقالت إنها سبق وأن تعرضت إلى عدوى مرض الدرن ولم تنل حقوقها وتم إرسالها إلى مستشفى في الطائف ولم تتلق العلاج المناسب هناك، وبعدها أكملت علاجها على حسابها الخاص. لا صلاحيات من جانبها، تقول أخصائية التمريض ومشرفة التطوير والبحوث في صحة جدة رانيا خليل إن مديري التمريض ليست لديهم الصلاحيات لاختيار التمريض عند التوظيف ما يؤدي إلى صعوبة تغطية الاحتياج في الأقسام، وأضافت أنه لا توجد صلاحيات لدى مديري التمريض في القطاعات الصحية في تحفيز العاملين ومنحهم تعويضا ماليا بدل ساعات العمل المضافة، وعدم منح مزايا للممرض الذي يعمل في الأقسام الحرجة. وأشارت مشرفة التطوير والبحوث في صحة جدة الحاصلة على جائزة نسيبة بنت كعب لعام 1434ه شفيعة الجدعاني إلى أن تخصيص دبلومات متخصصة في التمريض مطلب عاجل للعمل على أسس علمية، ونوهت إلى عدم وجود الوسائل التي تساعد على تقديم عناية تمريضية مبنية على البراهين، وهو التوجه العالمي حاليا، حيث لا توجد مكتبات تساعد على الاطلاع على أهم البحوث وأوراق العمل وعدم تفهم بعض الرؤساء في القطاعات الصحية لمفهوم العناية التمريضية المبنية على البراهين ودورها في تقديم رعاية تمريضية تمتاز بالكفاءة والجودة، وتقترح الجدعاني صرف بدلات مثل العدوى لجميع هيئة التمريض دون شروط وصرف بدل سكن، وإضافة بدل ساعات العمل إلى الراتب الأساسي عند التقاعد، وتسهيل صرف بدل التميز. كما أشارت إلى أهمية مساعدة كادر التمريض الراغبين في إكمال الدراسة. أبحاث التمريض مديرة التمريض في الشؤون الصحية في محافظة جدة إيمان بادخن حثت الجهات المختصة على توفير الدورات التدريبية والتأهيلية لتطوير الكوادر الطبية التمريضية، وأشارت إلى تدريب القيادات التمريضية في القطاعات الصحية وإعداد خطة متكاملة تشارك في إعدادها كافة قطاعات التمريض. وأضافت أن إدارة التمريض هذا العام تستكمل برنامج منسقي أبحاث التمريض والذي بدأ في عام 1433ه وأثمر عن إعداد (6) أبحاث تمريضية تولى إعدادها التمريض السعودي تحت بإشراف إدارة التمريض في صحة جدة. كما تشمل خطة إدارة التمريض وضع خطة لتدريب نحو 100 ممرض وممرضة على المهارات الأساسية والمتقدمة ومهارات التعليم بالتعاون مع الكلية الملكية للجراحين بإيرلندا.