إن أهم ما يشغل الدوائر السياسية في العالم هو ما يحدث بعد سقوط النظام السوري، فهل سقوطه ينهي الحرب الأهلية؟ أم ينذر بفصل جديد من الأحداث هو الأخطر؟ فإذا كانت المعارضة المدنية تتقدم ببطء في ترتيب أوراقها لتشكل حكومة في الخارج تستطيع أن تمسك بزمام الأمور في الداخل بعد سقوط النظام، فإن المعارضة العسكرية الممثلة في الجيش الحر تتقدم بخطى أسرع، فهي تتقدم في دمشق وفي حلب ودير الزور، فتدمر المراكز العسكرية، وتستولي على القواعد ومخازن السلاح، وأصبحت تمتلك الصواريخ المضادة للطائرات، والدبابات، والمدافع. لقد نجحت في طرد القوات الحكومية من قرية تلو الأخرى، واستطاعت بناء مؤسسات أولية في المناطق المحررة، فخرج بذلك قسم كبير عن سيطرة الحكومة، إن هذا النجاح إذا لم يتوج بحكومة مركزية قوية تنبثق من الحرب الأهلية القائمة فإن سقوط النظام المفاجئ سوف يعزز صراعا بين القيادات العسكرية، وقد تبرم تحالفات بين المجموعات العسكرية بحسب الروابط القبلية والمناطقية، ويظهر وقتها أمراء الحرب كما حدث في الصومال. فإذا ظهرت دولة علوية، وأخرى كردية، ودرزية، فإن بريق الأمل سوف يدفع حزب الله إلى التحالف مع الدولة العلوية، وقتها تستطيع إيران أن تجد لها موطئ قدم من جديد على الأرض والساحل، وسوف يضمن الروس حليفا جديدا يتمتع بمواقع استراتيجية على البر والبحر، عندها يشتد الصراع مع إسرائيل، ويتم ابتزاز تركيا وإيران، خصوصا إذا تحركت القاعدة والمجموعات الإرهابية تحت هذه المظلة. إن وقوفنا بأياد مكتوفة انتظارا للنتيجة، والدول الأخرى للمتابعة والتشجيع دون تحسب لما يحدث في المستقبل، فإن النتيجة قد تكون كارثية ليس على الأمة العربية وحدها بل حتى على الموقف الدولي، ولا بد من تسريع المعارضة السورية في الخارج كي تشكل حكومتها وتتفاعل مع الداخل وتستبق الحدث بعيدا عن روح الانتقام.