قد يكون حلم العديد من السعوديين والمقيمين والمسلمين من خارج المملكة الإقامة في الفنادق المجاورة، أو المطلة على الحرمين الشريفين، خصوصا في شهر رمضان المبارك، والعشر الأواخر منه لعبادة الله، إلا أن ذلك الحلم سرعان ما يتبدد بسبب الأسعار العالية للإقامة في تلك الفنادق. لقد وضعت الهيئة العامة للسياحة والآثار، بصفتها الجهة المسؤولة عن تنظيم الفنادق في المملكة، قائمة بجميع فئات الفنادق، والحد الأعلى لسعر الغرف لليلة الواحدة والذي يصل إلى ألفي ريال كحد أعلى لفنادق الخمسة نجوم. وإذا كانت الفنادق مجاورة أو تطل على المسجد النبوي، أو المسجد الحرام، فإن هناك زيادة في سعر الحد الأعلى للغرف، بنسب مئوية معينة خلال شهر رمضان، وذلك وفقا لقرار رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار رقم 3157 بتاريخ 7/3/1433ه، إلا أن تلك الزيادة لا تصل بأي حال من الأحوال إلى الأسعار الفلكية الحالية لغرف الفنادق في العشر الأواخر من رمضان، والتي قد تصل إلى عشرات الآلاف من الريالات لليلة الواحدة للغرفة المفردة. إن مشكلة ارتفاع أسعار غرف تلك الفنادق ليست فقط بسبب عدم التزام بعض الفنادق بالأسعار المحددة، وإنما أيضا بسبب قيام بعض الجهات الداخلية والخارجية باستئجار غرف تلك الفنادق، وإعادة تأجيرها من الباطن. وقد يقوم المستأجر من الباطن بإعادة تأجيرها أيضا من الباطن، ليدفع المستأجر الأخير والذي يريد فعلا الإقامة في الغرفة، مبالغ باهظة لليلة الواحدة في تلك الفنادق. وبسبب الربحية العالية والسريعة، فإن العديد من الأجانب، سواء كانوا مقيمين أو غير مقيمين، أصبحوا يستثمرون في هذا القطاع، بأسماء سعوديين؛ وذلك باستئجار غرف في تلك الفنادق وإعادة تأجيرها على آخرين والذي يعتبر جريمة تستر تجاري يعاقب عليها نظاما. كما أن بعض الأجانب يقومون باستئجار غرف في تلك الفنادق بأسماء منشآت في دولهم الأجنبية، والتسويق لها هناك أو قيامهم بالحصول على تأشيرات زيارة من جهات سعودية، والتسويق لتلك الغرف في المملكة وتأجيرها، والذي يعتبر أيضا جريمة تستر تجاري. ومع وجود هذه السيطرة من بعض الجهات أو الأفراد على بعض تلك الفنادق، فإن محدودي الدخل أصبحوا لا يستطيعون الإقامة في فنادق مجاورة أو مطلة على الحرمين الشريفين، وإنما في غرف تبعد آلاف الأمتار عنها أو الإقامة في داخل الحرمين أو ساحاتهما، والنظر فقط على الفنادق المجاورة لهما بحسرة. إن جهود الهيئة ملموسة لتنظيم قطاع الفنادق والشقق المفروشة، إلا أنها يجب أن تبذل جهدا أكبر للرقابة على الفنادق للتأكد من التزامها بالأسعار المحددة. ومن جهة أخرى، يجب أن يكون هناك تقنين وتنظيم أكبر لتأجير وإعادة تأجير غرف الفنادق للحد مما يحدث الآن، حتى لا يكون هناك أشبه بسوق سوداء لفنادق أطهر بقاع الأرض. * محام ومستشار قانوني [email protected]