هناك من الأخبار ما تمر بها أو تمر بك فترفض حواسك أن تصدقها، فبعض الأخبار أحيانا تضعك مباشرة أمام عري النفس البشرية بما فيها من أنانية وطمع وغباء أيضا، فتثير في داخلك الامتعاض إلى حد يميل بك إلى إنكارها حينا، والغضب منها أو الأسى لها حينا آخر. خبر القائمة المتضمنة اسماء حاملي الدرجات العلمية المزورة التي يجري تداولها هذه الأيام على شبكة الانترنت هو من هذا الصنف من الأخبار، فمن يطلع على تلك القائمة الطويلة لأسماء الذين حصلوا على درجاتهم العلمية العليا عن طريق الشراء من جامعات وهمية، لا يملك سوى أن ينتابه خليط من التصديق والإنكار، والغضب والعجب، وكثير من الأسى، بما في ذلك الأسى للمزورين أنفسهم الذين من بينهم أشخاص موهوبون بالفطرة وناجحون في مجال عملهم لكنهم انجرفوا مع طمع النفوس فأساءوا إلى أنفسهم وأسقطوا الثقة فيهم، وما كان أغناهم عن تلك الدرجات المزيفة لولا هذا الطمع البشري!! قضية تزوير الدرجات العلمية وشراء الشهادات من جامعات وهمية ليست قضية ثانوية، وليست قضية محصورة في عدد صغير، إن صدقت تلك القائمة المنشورة فإن هذه فضيحة تهز المجتمع، فحسب تلك القائمة نجد من المزورين أعضاء في مجلس الشورى ومستشارين وقياديين في مناصب عليا في الدولة بعضها يرقى إلى مرتبة وكيل وزارة، كما نجد منهم مديرين كبارا مسندة إليهم إدارة أعمال ضخمة كإدارة أحد المشاريع التطويرية الكبرى في مكةالمكرمة وإدارة إحدى الشركات المعروفة، ومنهم أيضا أعضاء في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودعاة مشهورون ومحامون وإعلاميون معروفون. أن يحتل هذه المناصب المهمة والحساسة مزورون، هذه فضيحة وأي فضيحة! وهي من الفساد الاجتماعي الذي يجب أن يحارب، فمن يبيح لنفسه التزوير كي يتسلق إلى المراكز الوظيفية العليا فيحصل على مزاياها المادية والمعنوية دون جدارة، أو يبيح لنفسه الكذب على الناس وخداعهم بادعاء المعرفة في علم لم يدرسه قط فيخول لنفسه الحصول على مال لا يحل له، هو يمارس الفساد عينه بما يضر المصلحة العامة، فهل يستحق أمثال هؤلاء البقاء في مناصبهم التي يشغلونها بعد أن خانوا الأمانة وامتهنوا الخداع؟ إن المتوقع أن يُتخذ بشأنهم إجراء رسمي فيقدموا للمحاكمة بتهمة التزوير وتضليل الدولة والرأي العام معا، فتزوير الشهادات لا يقل ضررا عن تزوير الجواز أو التوقيع أو صك الملكية أو غير ذلك من أشكال التزوير. أما من كان منهم بريئا وأقحم اسمه زورا وبهتانا ضمن المزورين فإن المتوقع منه أن يصدر بيانا ينشر فيه ما يثبت بطلان التهمة الموجهة إليه، كما أن من حقه مقاضاة من ألبسه تلك التهمة. أخيرا، يجب أن نشعر بالامتنان لمن كان لهم فضل الكشف عن هذا العفن المختبئ بين طيات المجتمع، فما قاموا به هو خدمة للصالح العام من أجل القضاء على بكتيريا الفساد قبل ان تستشري في مفاصل الوطن أكثر فأكثر. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة