تنكشف أمامنا بين الحين والآخر أمور غامضة في حيل الغش والخداع لمن باعوا ضمائرهم في سبيل تحقيق الثراء السهل والسريع على حساب الآخرين، فهناك من يحاول ان يبيع الوهم عبر بوابة تبادل وتوزيع "الكروت الشخصية" وذلك بانتحالهم الألقاب والدرجات العلمية والمهن التي لم يحصلوا عليها أومن خلال عروضهم الدعائية الكاذبة ليس هذا فحسب بل إنهم يعلنون تصريحاتهم الشفوية أمام الناس دون ان يعلموا بأن هذا تزوير يعاقب علية القانون. "الرياض" سلطت الضوء في هذا التحقيق على أبعاد تلك الظاهرة التي بدأت تأخذ حيزها في الانتشار مؤخراً.. ضحايا الكروت الوهمية في البداية تقول فاطمة مسلم أنها وقعت ضحية لمن اختاروا تلك الحيلة في خداع الناس وكسب مبالغ كبيرة من ورائها، فقد وقع بيدي احد الكروت الشخصية لطبيب الإعشاب وقد كتب على كرته "أخصائي التداوي بالإعشاب" وكتب في كرته بأنه الوحيد الذي لديه وصفة خاصة لعلاج مرضى السكر فقمت بالاتصال على ارقامه والتفاهم معه على طريقة الشراء كل هذا ولم يخطر ببالي بأنه من السهل ان يستغلوا المرضى بتلك الحيل فلم يكن مني إلا شراء تلك العبوة بمبلغ كبير جدا وبعد استخدام نصفها ساءت حالتي الصحية فذهبت لطبيبي وأطلعته على محتوى تلك العبوة ووجدها في غاية الخطورة لمرضى السكر ولولا عناية الله لحدثت مضاعفات اشد خطورة وهنا أتساءل كيف يسمح لهولاء طباعة تلك الكروت دون التأكد من صحة البيانات التي عليها. ويضيف علي محمد قائلا: من المؤسف ان نتداول يوميا هذه الكروت الزائفة لأشخاص اقل ما يمكن ان نقوله عنهم بأنهم أشبه بفقاقيع الصابون المليئة بالهواء لأننا بمجرد ان نلجأ لهم ولمناصبهم المذكورة بكروتهم نجدهم قد تلاشوا والغريب انك تجد كل من يرغب في إعطاء نفسه أي لقب أو مسمى مهنة يفعل ذلك بكل سهولة وبدون ملاحقة قانونية. "دكتوراه" من دون جامعة ويروي علي ما حدث معه قائلا: قبل أيام صادفت احد زملاء الدراسة الذي لم أشاهده منذ ان تخرجنا قبل سنة من الجامعة وأثناء تبادلنا الكروت الشخصية لفت انتباهي حرف الدال قبل اسمه فدفعني فضولي لسؤاله عن كيفية حصوله على تلك الدرجة العلمية وهو مازال حديث التخرج فأجابني قائلا: لم احصل حتى على الماجستير ولكني وضعت حرف الدال من باب المفاخرة وليس لي أي أهداف أخرى. وتذكر هيلة العنزي بأنها كادت ان تقع ضحية لإحدى خبيرات التجميل كما لقبت نفسها فقد أعجبني احد الكروت الدعائية لخبيرة تجميل حاصلة على جوائز عالمية وشهادات خبرة في أشهر صالونات التجميل لهذا قررت الذهاب لديها في حفل زفافي ولكني اشترطت ان تكون هناك بروفة قبل موعد الزفاف فكانت الصدمة بأنها تجهل ابسط أساسيات التجميل ولا تمتلك أي خبرة حينها طلبت منها رؤية شهادات الخبرة والتصاريح الخاصة بالصالون فتهربت من مواجهتي وادعت عدم وجودها في الصالون. وتؤكد أمل الحويطي قائلة: لقد وضعتم أيديكم على الجرح فقد حصلت مؤخراً على احد البطاقات المنمقة والمتميزة في شكلها وعرضها لخدماتها العديدة لأحد المشاغل النسائية والتي دون عليها وصول أول جهاز جديد على مستوى المنطقة لمعالجة مشاكل البشرة فقررت الذهاب لمعالجة مشاكل بشرتي ولكن ما أزعجني بأنه بعد عدة جلسات باهظة الثمن لم يحدث أي تحسن ايجابي في بشرتي مما جعلني استفسر وبغضب عن أسباب ذلك فأجابتني صاحبة الصالون بأنها لم تستخدم الجهاز المتفق عليه لأنه لاتوجد حتى الآن عاملة مدربة عليه لهذا اضطرت لاستخدام الجهاز العادي فكان عذرها أقبح من ذنبها كما يقال. خسائر مادية ويذكر احمد السالم ما تعرض له من خسائر مادية بسبب تلك الكروت الزائفة قائلاً: تعرض جهازي المحمول والجديد لعطل بسيط نصحني احد أصدقائي بالذهاب لمبرمج أجهزة حاسوب كما كتب في كرت المركز الذي يعمل به والذي احتوى على أفخم العبارات للعاملين فيه فهم كما دون في الكرت خبراء حاصلون على شهادات عالمية وعلمية ولكن ما أدهشني هو رؤيتي للمركز خاليا من الزبائن ومن أجهزة الحاسوب مما جعلني اشك في مصداقيتهم ولكني قدمت النوايا الحسنة على تلك الشكوك وقدمت لهم جهازي لاصلاحه ولكن ما حدث بأنهم أحدثوا تعطيلاً كاملاً للجهاز وأصبح لايمكن اصلاحه واستعادة برامجه حينها تأكد لي بأنهم لايفقهون شيئاً في إصلاح الأجهزة. حتى لا يكون المجتمع ضحية من جانب آخر أشار عبدالله عياد الفايدي –أخصائي اجتماعي– بان ما يلاحظ من تجاوزات في البطاقات التعريفية "الكروت الشخصية " خرج عن كونه مشكلة وأصبح ظاهرة سلبية يجب ان تدرس وتناقش كمائن الأمور المتعلقة بها حتى تتم السيطرة التامة على ذلك حيث أصبحت الآن تستغل في الترويج والتسويق للذات وإعطاء أصحابها المهن والمؤهلات التي لا يحملونها وبما يصفونه لأنفسهم من وصف وضع يوصلهم الى مبتغاهم وهذا ما نراه حيث ان طبيعة المجتمع لدينا تتصف بحسن النية المقدمة في كل الأمور حتى أدى إعطاء الأشخاص وصفا لايستحقونه سرقة للثقة وغش وتدليس بقصد وصولهم لمستوى مالي معين وهذا ما يجعل محاربة هذه الظاهرة ودراستها وسن معاقبة من يقوم بذلك أمر حتمي. الرقابة على طباعة الكروت بحاجة إلى تفعيل المطابع ليست مسؤولة من جانبه ذكر محمد العمر مدير لإحدى المطابع في تبوك بان هناك فئة عديمة الضمير والإنسانية تلجأ الى خداع الناس عن طرق اختيارهم وسيلة تبادل الكروت الشخصية في الدعاية لما يروجون له من زيف وخداع وربما للمفاخرة بالمناصب والدرجات العلمية المزورة واختيارهم لتلك الوسيلة يعود الى قلة تكلفة اسعار الكروت الشخصية وتأثيرها بطريقة غير مباشرة في صالح الفرد المعلن لأنها تحتل المركز الأول والرئيسي في الدعاية عن المشروع أو الشخصية.. وأضاف العمر بأنه لاتوجد أي مسؤولية على المطابع فيما تطبعه من بيانات خاصة بالعميل ولا توجد هناك أي مطالبة رسمية للمطابع في التحقق من تلك البيانات إلا فيما يخص الجهات الرسمية ومن يبحث عن الخداع والغش سيجد أكثر من وسيلة لذلك. القانون ضدهم فيما أكد المحامي عبدالعزيز أبو شعيل العطوي على انتشار مثل تلك الحيل لاسيما بين الأطباء في العيادات الخاصة والمستوصفات الأهلية بادعاء حصولهم على شهادات عليا في التخصص فمنهم من يدعي انه طبيب استشاري وهو طبيب أخصائي ومنهم من يدعي بأنه أخصائي أول وهو طبيب عادي وهذا بلا شك من قبيل التدليس والغش المنهي عنه شرعا ويعد مخالفة لنظام المؤسسات الصحية الخاصة وخائن للأمانة العلمية التي اقسم عليها.. وإذا كانت الكروت التي يستخدمها هؤلاء المخالفون ويدونون بها معلومات غير صحيحة فان المطابع مسئولة عن تفشي مثل تلك الظاهرة والمطلوب من الجهات الرقابية المختصة ملاحظة هذه المخالفات ووضع حد لها.