رحيل عمار الشريعي في هذه الأيام المضطربة أمنيا في مصر ساهم في عدم الالتفات إليه كثيرا وحصوله على مساحات إعلامية تتناسب وعطاءاته، أمر هو أشبه بغياب عميد الأدب العربي طه حسين في أكتوبر 1973 يوم الحرب الفاصلة بين العرب وإسرائيل، وبفقدان ساحة الموسيقى العربية للموسيقار عمار الشريعي يكون الغياب وتكون العتمة في بحر الغوص في موسيقى العرب في ازدياد بلا شك، فبرحيل «الغواص في بحر النغم» يكون أحد فناني العرب الكبار في عالم الموسيقى، والذي تعتبر موهبته رغم فقده البصر في مصاف العبقرية التي لا يتجادل فيها أو بها اثنان، لقد ملأ العبقري المدهش الحياة الموسيقية العربية فنا فريدا من نوعه، إلى جانب أنه كأن أحد «تقنيي» الموسيقى من خلال تعامله أو كونه واحدا من أول الأسماء التي افتتحت الاستوديوهات الخاصة في مصر في مجال الموسيقى والأغنية، وهو الاستوديو «عمار ساوند» الذي نفذت فيه الكثير من أشهر أغنيات فنانينا العرب من كافة أصقاع الخريطة العربية، فإلى جانب كونه موسيقيا وتقنيا وأكاديميا، كان الشريعي صاحب خبرات خاصة في تقديم الأصوات، ومما يدلنا على ذلك تقديمه الكثير من الأصوات ربما كانت البداية في تقديمه أربعة أصوات منهم: حنان .. مطربة الشمس الجريئة، ومنى عبدالغني، وغيرهما من خلال فرقة رباعية كان قد كونها من مطربين شبان، وقادها في منتصف الثمانينيات أو هي في بدايتها. إلى جانب أنه قام بتأليف الموسيقى التصويرية لكثير من الأعمال الفنية، كان منها ما هو لأكثر من ستين فيلما سينمائيا منها «حب في زنزانة»، «البريء» والذي حصل به على جائزة مهرجان فينيسيا، وأكثر من 30 مسلسلا تلفزيونيا، منها «رأفت الهجان» وسهرات، وأكثر من ست مسرحيات، وأوبريت «ابن البلد»، وله من الأغنيات أكثر من أربعمئة لحن، إضافة إلى الكثير من المقطوعات الموسيقية والمؤلفات، منذ كونه عازفا فقط على آلة البيانو والأورج. درس فن الموسيقى بالمراسلة، وحصل على شهادة التأليف الموسيقي والبيانو من مدرسة تعليم المكفوفين في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ثم الليسانس من كلية الآداب في جامعة عين شمس عام 1970. ومن أبرز أعماله تطويعه الكمبيوتر لخدمة الموسيقى العربية، وعمل أستاذا غير متفرغ لمادة التحليل والتأليف الموسيقي بمعهد الموسيقى العربية في القاهرة. كما أنه كان صاحب أهم برنامج يهتم بالتحليل الموسيقي في الإذاعة «غواص في بحر النغم»، والذي امتد طويلا، ثم برنامجه «سهرة شريعي» في التلفزيون. كرم الشريعي كعبقري في الموسيقى من دولة قطر من خلال «مهرجان الدوحة للأغنية» بحضور «عكاظ»، كما كرم بحصوله أعلى وسام من سلطنة عمان.