توفي الموسيقار الكبير عمار الشريعي ظهر الجمعة بعد صراع طويل مع المرض عن عمر ناهز 64 عاماً, وقد عانى الموسيقار الراحل من مشاكل صحية في القلب والكلى منذ نحو العامين تقريباً، حيث تلقى العلاج في لندن وباريس قبل أن يعود إلى القاهرة منذ شهرين, وتدهورت صحته على نحو سريع، دخل على إثره المستشفى، ليرقد في غرفة العناية المركزة قبل أن يفارق دنيانا، ونعى العديد من الفنانين الراحل الكبير، مثنين على تاريخه الإبداعي الطويل، وفي هذا السياق، وصفت الفنانة آمال ماهر رحيل الشريعي، بسقوط الهضبة قائلة: "أشعر كما لو أن هضبة المقطم سقطت اليوم"، وأضافت: "الفضل بعد الله سبحانه وتعالى يعود إلى الراحل عمار الشريعي في اكتشافي فنياً، فهو بالنسبة لي الأب الروحي أتمنى من الله أن يكون مرضه الذي عانى منه طيلة الشهور الماضية شفيعاً له، فقد كان معطاء لأقصى الحدود وأن يتغمده الله في واسع رحمته"، من ناحيته، قال نقيب الموسيقيين الفنان إيمان البحر درويش: "إن العالم العربي كله فقد اليوم رمزاً موسيقياً محترماً"، مضيفاً أن للشريعي "بصمة فريدة ومميزة جداً في الدراما"، كان أشهرها "رأفت الهجان" و"أبو العلا البشري"، وكشف أن الراحل "كان خفيف الظل وشخصية لن تتكرر"، وأشار الموسيقار هاني مهنى إلى أن الشريعي كان رفيق مشواره الفني منذ عام 1970 وحتى رحيله، موضحاً "أننا فقدنا خلال الفترة الماضية قامات فنية لن يجود الزمان بمثلها"، وقال عنه الملحن والموسيقار صلاح الشرنوبي إنه "من أهم الموسيقيين والملحنين وعباقرة الزمن الجميل، ونحن كفنانين وشعب عربي افتقدناه بشكل كبير، فقد كان له بصمات عديدة خاصةً الدراما العربية، فهو صاحب مدرسة كلنا استفدنا منها"، وعمار الشريعي اسمه الحقيقي "علي محمد إبراهيم علي الشريعي"، وهو موسيقار ومؤلف وناقد موسيقي شهير من محافظة المنيا, وكان للراحل علامات وبصمات في الموسيقى الآلية والغنائية المصرية, بالإضافة إلى الموسيقى التصويرية للكثير من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية، رغم أنه كفيف البصر، ولد في 16 إبريل عام 1948, في مدينة سمالوط, تعلم علوم الموسيقى الشرقية على يد مجموعة من الأساتذة الكبار بمدرسته الثانوية، في إطار برنامج مكثف أعدته وزارة التربية والتعليم خصيصاً للطلبة المكفوفين الراغبين في دراسة الموسيقى, وخلال هذه الفترة, وبمجهود ذاتي, أتقن العزف على آلة البيانو والأكورديون والعود والأورج, وبدأ حياته العملية عام 1970, عقب تخرجه في الجامعة مباشرةً كعازف لآلة الأكورديون في عدد من الفرق الموسيقية التي كانت منتشرة في مصر آنذاك, ثم تحول إلى الأورج حيث بزغ نجمه فيها كأحد أبرع عازفي جيله, واعتبر نموذجاً جديداً في تحدي الإعاقة نظراً لصعوبة وتعقيد هذه الآلة، واعتمادها بدرجة كبيرة على الإبصار, واتجه عمار الشريعي بعد ذلك إلى التلحين والتأليف الموسيقي، حيث كانت أول ألحانه "امسكوا الخشب" للفنانة مها صبري عام 1975, وزادت ألحانه عن 150 لحناً لمعظم مطربي ومطربات مصر والعالم العربي, وكوّن فرقة الأصدقاء في عام 1980, والتي ضمت منى عبد الغني, وحنان, وعلاء عبد الخالق، وحاول من خلالها مزج الأصالة بالمعاصرة وخلق حالة من الغناء الجماعي تتصدى لمشكلات المجتمع في تلك الفترة، كما اهتم أيضاً بأغاني الأطفال فقام بعمل أغاني احتفالات عيد الطفولة لمدة 12 عاماً متتالية, وشارك في هذه الأعمال مجموعة من كبار الممثلين والمطربين مثل عبد المنعم مدبولي, ونيللي, كما أولى اهتماماً كبيراً باكتشاف ورعاية المواهب مثل, هدى عمار, وحسن فؤاد, وريهام عبد الحكيم وحديثاً أحمد علي الحجار, وسماح الملاح،وتجاوز عدد أعماله السينمائية 50 فيلماً, وأعماله التليفزيونية 150 مسلسلاً, وما يزيد على 20 عملاً إذاعياً, و 10 مسرحيات غنائية استعراضية, كما قام كذلك بتلحين الحفل الموسيقي الضخم الذي أقامته سلطنة عمان عام 1993 بمناسبة عيدها الوطني ونفس المناسبة أيضاً في عام 2010.