في أول زيارة له لغزة، أكد رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل تمسك حركته بالسير على طريق المصالحة وتعزيز الوحدة ووأد الانقسام. وقال إن إعلان المصالحة من غزة هذه المرة هو تجسيد للوحدة التي تحققت في معركة الكرامة و«حجارة السجيل» التي انتصرت على «عامود السحاب». والسؤال هل تعقب هذه التصريحات المضي نحو طريق المصارحة والمصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية ليقف الفلسطينيون صفا واحدا في مواجهة المحتل الإسرائيلي؟. بعد أن دخلت جهود المصالحة الداخلية في سبات عميق خلال الشهور الماضية، عادت الآمال لتنتعش من جديد، بعد أن توحد الفلسطينيون ميدانيا قبل نحو شهر في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة، وما تلاه من تلاحم شعبي دعما للمعركة الدبلوماسية في الأممالمتحدة، خاصة وأن قيادات الطرفين المتخاصمين أعلنت أن الخطوة التالية ستكون إنهاء حالة الانقسام، بعد أن عزز كل طرف من قوته وحضوره في الشارع الفلسطيني بما حققه من إنجاز. خطوات وإجراءات ميدانية أكدت هذه الوجهة، فقد تدافعت قيادات فتح بعد أن وفر الرئيس شخصيا حماية ودعما سياسيين للمقاومة إبان الحرب الثانية على غزة، للإشادة بصمود غزة، وحتى بحركة حماس، كذلك لعدم الاعتراض على الحجيج السياسي العربي والإقليمي إلى غزة، بل إن قيادات فتح ذاتها ذهبت للقطاع بوفد من المجلس الثوري للحركة، وكانت على رأس المستقبلين لمشعل في معبر رفح، وشاركت في مهرجان احتفال حماس بانطلاقتها، أما حماس فقد تقدمت من جهتها بخطوتين مهمتين باتجاه إثبات حسن النوايا، فهي قد أعلنت عن الإفراج عن معتقلي فتح في سجونها، وكذلك سمحت بعودة كوادر فتحاوية ممن غادروا القطاع بعد الأحداث الدامية التي وقعت بين الإخوة الأعداء في عام 2007. وقد تفاعل البعض مع الأجواء الإيجابية التي بثها الانتصار الفلسطيني المزدوج، عسكريا وسياسيا لدرجة الإعلان عن أن عجلة المصالحة ستدور فورا، غير أن هذا الأمر لم يتحقق، في انتظار الاستقرار في القاهرة التي لم تعلن حتى اللحظة دعوة الطرفين. هل يعني هذا أن حالة من الانفعال العاطفي كانت وراء التوقع بأن أجل الانقسام قد أزف؟ أم أن الأمر حقيقي هذه المرة؟ نظرا لما حدث من تطورات في الواقع الفلسطيني وحتى الإقليمي العربي، ترجح أن يطوي الفلسطينيون صفحة الانقسام، في الأيام القريبة القادمة؟ ربما كانت لحظة النصر بما أثارته من عواطف قد بالغت في توقع السرعة في تحقيق لحظة المصالحة، لكن لا شك أن المصارحة مطلوبة قبل المصالحة، حتى لا يصدم الشعب الفلسطيني مرة أخرى، مثلما حصل بعد توقيع اتفاق القاهرة.