من السهل على الفرد إلقاء المسؤولية على غيره، وتوزيع التهم، وهذه ليست وسيلة في التخلي عن التبعة (المسؤولية) فحسب، بل هي أيضا خلطة سرية عند البعض للظهور وإبراز الذات، لكن من منا بدأ بنفسه، ودعا إلى هذا الإصلاح بفعله قبل قوله؟! نظافة الأماكن العامة نموذجا: تكلم الكثير عن سوء نظافة الأماكن العامة، وحملوا الأمانة (البلدية) مسؤولية ذلك، وفي المقابل هل حرص أحدنا إذا غادر مكانا بعد إذ نزل فيه أن يتركه أفضل مما كان أو مثله؟!. كم منا يحمل معه كيسا للنفايات كلما خرج إلى التنزه مع أسرته؟! كم منا علم أولاده عدم إلقاء النفايات أثناء اللعب في هذه الأماكن كما علمهم عدم إلقائها في منزله؟!. لا شك أن البلدية تتحمل جزءا كبيرا من هذه المسؤولية، لكن جزءا كبيرا منها أيضا نتحمله نحن. هذه الشواطئ العالمية المعروفة بجمالها، من نافلة القول أن أقول: إن نظافتها هو من صنع المرتادين أنفسهم قبل أن يكون من صنع المؤسسة المسؤولة. قبل أيام ركب معي في سيارتي أحد الفضلاء، لديه كلمات الإبداع في نقد الواقع وتقديم الحلول، ولما أوصلته إلى حيث أراد، كانت هناك قارورة لمياه الشرب فارغة أسفل قدميه. جرت العادة أن أتركها هناك حتى أجد لها مكانا بين النفايات، فلما خرج، وأراد أن يقدم لي خدمة، أخذ هذه القارورة وألقاها حيث استقرت في الشارع العام.. هذا مثال، وغيره كثير، فالنقد البناء والتقييم والتقويم أمور حتمية لارتقاء الشعوب، لكن من الأمثل والأقوم أن يرافق ذلك تقويم الذات، وإصلاح السلوك، والعطاء قبل الأخذ. عندها فقط نستيطع أن نسابق الدول، ونجد لأمتنا موقعا في مصاف الأمم.