أجمع ثلاثة من المسؤولين في قطاعات مختلفة على أهمية تفعيل العمل التطوعي باعتباره من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلا عن أنه يعود الشباب على تحمل المسؤولية ويصقل مواهبهم ويرفدهم بالكثير من المعطيات في الجوانب الحياتية. وفي هذا السياق، أوضح مدير عام التربية والتعليم في محافظة جدة عبدالله أحمد الثقفي أن نهضة المجتمع تثمر معطيات بجهود المخلصين من أبنائه وشبابه المتفانين في خدمة دينهم ووطنهم، وأن العمل التطوعي إنساني نابع من ثوابتنا الشرعية التي تربى ونشأ عليها شباب هذه الأمة المسلمة، وأضاف الثقفي: «هناك بوادر تطوعية في كافة القضايا الاجتماعية التي تحتاج إلى سواعد الشباب للوقوف جنبا إلى جنب مع ما يمس الحياة الكريمة للفرد السعودي، سواء كانت برامج توعوية أو إغاثية أو حتى إعانات مادية واستشارات طبية ونفسية». وقال الثقفي: «على مستوى تعليم جدة شكلت وكونت العديد من اللجان التطوعية بمبادرات من أصحابها وبمباركة ودعم من إدارة التعليم لتلك الجهود الإنسانية المشتركة التي تضم مجموعة من الإداريين والمعلمين والطلاب في منظومة عمل بخطط استراتيجية هدفها تنفيذ عدد من الأنشطة الاجتماعية والتنموية أو الخدمية»، لافتا إلى أن تلك الأعمال التطوعية تنمي شخصية المتطوعين وتصقل قدراتهم وطاقاتهم وتركز جهودهم في تلبية احتياجات المجتمع. وأضاف: «الدليل على أهمية العمل التطوعي تلك المبادرات التي تشكلت في زمن قياسي أثناء كارثة جدة التي بلغ عدد اللجان التطوعية من تعليم جدة فيها ما يقارب ال 15 لجنة جميعها عملت على مدار الساعة للتخفيف من آثار الكارثة والتي نجحت بكل المقاييس في إدارة تلك الأزمة والخروج منها بنماذج تطوعية سجلت حضورا لافتا في المشهد الاجتماعي»، وزاد: «ما أجملها من مشاهد بانورامية لكافة أطياف المجتمع الواحد الذي يحمل هما واحدا ويسعى إلى تحقيق الحياة الكريمة لكافة أفراد المجتمع الواحد فتجد الطبيب والمهندس والمعلم والموظف والطالب كل يعمل في ما يخصه ويقدم عبر خبرته، نماذج مشرفة للفرد المسلم في تعاملاته مع محيطه المجتمعي». من جهته، يرى سديري العقيلي مدير المسؤولية الاجتماعية في شركة مختصة بهندسة النظم أن العمل التطوعي أصبح ركيزة أساسية في بناء المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين، وهو ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطا وثيقا بكل معاني الخير والعمل الصالح في المجتمعات منذ الأزل، ولكنه يختلف في حجمه وشكله واتجاهاته ودوافعه من مجتمع إلى آخر، وأكد على أهمية البرامج التطوعية التي تهدف إلى المساهمة في نشر ثقافة العمل التطوعي وتدريب الشباب على إتقان مهارات مهمة إلى جانب تحقيق التفاعل الإيجابي بين القطاع الخاص والمجتمع. وأن مثل هذه البرامج تعمل على زرع نواة مثمرة في أرضية هذا المجتمع الذي جبل على المبادئ الفاضلة المستقاة من نهل ومنهاج سيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم. وشدد على وجوب إدراك القطاع الخاص لدوره في هذا الجانب المهم للمجتمع ويسارع في تحمل مسؤوليته بالمساهمة الحقيقية والمبنية على عمل مشترك مع جهات الاختصاص. وفي ذات السياق، يرى أحمد الزغبي مدير الأنشطة الطلابية بجامعة الملك عبدالعزيز أن العمل التطوعي دافع أساسي للتنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ويعني حيوية المجتمع واستعداد أفراده للتفاني والتضحية، وتتحقق من خلاله أجمل معاني النبل والإيثار وحب الخير، فالمتطوع عادة لا يهدف إلى كسب مادي أو مكانة اجتماعية، ذلك أن شعوره بالانتماء واعتزازه بوطنه ووفاءه لمجتمعه هدف سام يسعي لتحقيقه، فحب الوطن من الإيمان، وتنهض المؤسسات الاجتماعية والشبابية إلى تعزيز هذا الجانب، فقد أولت جامعاتنا اهتمامها فعملت على نشر ثقافة التطوع بين أبنائها عبر إنشاء المراكز والأندية التطوعية، كما خصصت له برامج اجتماعية ومسابقات متنوعة في كافة المجالات، ومما يسعد القلب فإن إقبال الشباب كبير، كما وأن الحصاد فيها وفيرا ففي تجربة جامعة المؤسس وعبر نادي التطوع بها الكثير من الأعمال التطوعية كبرنامج جامعتي مسؤوليتي وبلدي أمانة. وزيارة المستشفيات والتبرع بالدم والمساهمة في إرشاد الحجيج وأرشفة الكتب والإغاثة وتنظيم الحركة المرورية وغيرها من البرامج دليل وعي الطلاب والتوجيه والدعم السليم لإدارة الجامعة العليا التي عادة ما تشارك مع أبنائها يدا بيد لتحقيق ثقافة التطوع ونشره بين شبابها، سعيا للوصول إلى العالم الأول، فلهم الشكر والثناء والتقدير. من جهته، قال بندر عرب مدير الصناديق الوقفية والتلفزيون في الغرفة التجارية الصناعية بجدة: «أعتقد أننا بحاجة ماسة إلى العمل التطوعي، وأركان هذا العمل من وجهة نظري يتمثل في جهد مبذول من قبل شخص أو مجموعة أشخاص وهذا متوفر، وهناك طاقات كبيرة من الشباب والمتقاعدين وربات البيوت برزوا في عدة مناسبات وأزمات، جهات تستقبل المتطوعين وتفرغ طاقاتهم، وهنا نقصد الجمعيات الخيرية والمؤسسات وبعض الجهات الحكومية والخاصة ورغم وجود قصور في هذا الجانب إلا أنه من الممكن تداركه، وهناك مبادرات فردية لاستيعاب المتطوعين. كما أن جهة التنظيم والتي نأمل أن يتم إنشاؤها سواء كانت جمعية خيرية أو مؤسسة حكومية تحت أي مظلة كانت، ومن مهامها تنظيم العمل التطوعي بين الجهات المختلفة، إيجاد مجالات التطوع وتنظيمها مع الجهات المختلفة، التوعية بأهمية التطوع للأفراد والشركات، احتساب الساعات التطوعية للمشاركين أفرادا وشركات تمهيدا للتوثيق والمكافأة وخلافه، وأن مثل هذه الجهة من الأهمية بمكان لتفعيل الاستفادة من الفرص المتاحة لجعل العمل التطوعي آلية احترافية بكل المقاييس.