بما أن السبب الرئيسي للوفيات في مستشفياتنا من جراء الأخطاء الطبية للعمليات الجراحية هي أخطاء في التخدير العام فهو ما تعرض له الطفل صلاح الدين (يرحمه الله) رأيت أن أخط بعضا من الحقائق العلمية للقراء عن التخدير العام. التخدير anaesthesia هو الحالة التي تنجم عن استعمال عقار يبطل الحس والشعور . والاسم المرادف للتخدير هو التبنيج. وتتعدد طرائقه فمن موضعي (تأثيره يقع على مساحة محددة من الجسم) إلى عام أو كلي (تأثيره يقع على كل الجسم ويصحبه فقدان الوعي) ومنه الوريدي وينجم عن فعل الأدوية التي تعطى عن طريق الوريد، وتتضمن هذه الأدوية المهدئات والمركنات والمنومات والمسكنات مفردة أو مزدوجة. والإنشاقي الذي ينجم تأثيره عن إعطاء الأبخرة والغازات عن طريق الإنشاق. وكذلك قد يضاف استعمال المرخيات العضلية وهي لا تؤثر في الوعي ولكنها تشل حركة المريض وتوقف تنفسه التلقائي مما يجبر المبنج على التنفس الصناعي. ويحقق التخدير العام من جراء ذلك ثلاث مهام رئيسية وهي: السبات والتسكين والارتخاء العضلي التام. وقد تطور هذا الموضوع إذ يمكن الوصول إلى نفس النتائج السريرية باستعمال توازن من تلك الثلاثة الأصناف من الأدوية، وهو التبنيج المتوازن. وحيث إن المجتمع حاليا يتداول الحديث عن غاز النايتروجين وهو سلاح الجريمة في قتل الطفل صلاح الدين فبقية التوضيح هو عن غازات التخدير. المبنجات الإنشاقية inhalational anaesthetics وهي التي تعطى للمريض عن طريق الرئة فتحدث التخدير العام بحيث يصل لدرجة من غياب الوعي وانعدام الحس بالألم، تسمح بإجراء العمل الجراحي، فإذا زادت جرعاتها فيمكن أن تحدث تثبيطاً للأجهزة الحيوية مما قد يؤدي لتهديد الحياة والموت لا سمح الله. الممارسة التخديرية الحديثة تعطى بوساطة خلط مزيج مناسب من الأكسجين والنيتروز N2O ونسب ضئيلة من الأبخرة المخدرة. عليه تضبط الكميات الواردة من خزانات رئيسية للغازات الطبية بوساطة مقياس جريان خاص بكل غاز، ومبخرات مناسبة خاصة بكل واحدة من المبنجات السائلة الطيارة. وتستعمل دارات تنفسية تسمح بالتحكم بما يستنشقه المريض وتسمح أيضاً بالتخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون المطروح من الرئة عن طريق الزفير. وتجرى التهوية الصناعية للرئتين إن استعملت المرخيات العضلية بوساطة منفسة ventilator وتجمع كل هذه المهمات في جهاز واحد يسمى جهاز التخدير الذي يضم أيضاً أجهزة المناظرة والمراقبة والقياس وجهاز الإسعاف القلبي الكهربائي . وغاز النيتروز الذي استعمل لأول مرة عام 1844م ومازال قيد الاستعمال إلى اليوم. ومن المبنجات السائلة الطيارة الكلوروفورم والإيثر والهالوثين والأنفلورين والإيزوفلورين وغيرها وهي الحديثة منها. وهناك ما يسمى بالتخدير الواعي وهو من أبسط الوسائل في هذا النوع من التخدير يستخدم فيه غاز النتروز Nitrous oxide أو ما يسمى بالغاز المضحك فهو يعطي مفعولا رائعا في تخفيف حدة التوتر والخوف ويعطي إحساسا بالراحة والتبلد أثناء العلاج ونتائجه سريعة وأيضاً مدة زوال الأعراض تكون لحظية باستخدام تركيز 100% من الأكسجين، ويعطي أفضل النتائج مع المرضى المصابين بتوتر وخوف من العلاج بدرجة متوسطة بحيث يسهل لهم التعامل مع الخوف في المرات القادمة، ويستخدم في العادة في عيادات الأطفال حتى يعطي تجربة حسنة للتعامل مع المواعيد الصعبة. رغم هذا المفهوم العلمي هل نصدق أن غاز النتروز Nitrous oxide هو الذي أودى بحياة الطفل صلاح الدين؟. للتواصل (( فاكس 6079343 ))