لم يتأخر الرد الإسرائيلي على الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو مراقب في الأممالمتحدة، فقد قررت إسرائيل بناء 3000 وحدة استيطانية في القدسالشرقية ومستوطنات الضفة الغربية، ويدعي قادة إسرائيل أن قرار الاستيطان سيساهم في الحفاظ على أمن الدولة، وتقوية المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية. حيث اعتبروا أن الخطوة الفلسطينية خرق لاتفاقية أوسلو وخطوة أحادية الجانب، ومن حق إسرائيل أن تقوم بخطوات أحادية الجانب. وبهذا الإجراء، فإن حكومة نتنياهو بذلك تقارب فعل عصابات المستوطنين والمتطرفين، التي شكلت منظمة إرهابية أطلقت عليها اسم «تدفع الثمن» وباتت الدولة الفلسطينية في مواجهة العصابة الصهيونية. عندما توجه الرئيس الفلسطيني أبو مازن للأمم المتحدة لطلب عضوية فلسطينية كدولة بصفة مراقب كان يعلم تمام العلم ما هو الثمن الذي يمكن أن تدفعه القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني مقابل هذه الخطوة التاريخية، فالتهديد الإسرائيلي كان علنيا وواضحا بالمزيد من الخطوات العقابية من منع التحويلات المالية الفلسطينية المستحقة للسلطة الفلسطينية من أموال الضرائب والجمارك، التي تجبيها إسرائيل وفق اتفاق باريس الاقتصادي في الموانئ ومناطق العبور لأراضي السلطة الفلسطينية، والتهديد بمنع منح المسؤولين الفلسطينيين بطاقة «شخصية مهمة جدا (V.I.P)» والتي تتيح لهم التنقل عبر الحواجز الإسرائيلية، وأخيرا القيام بالمزيد من الاستيطان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة لعدم تمكين الفلسطينيين من تجسيد القرار الأممي على الأرض، فالاستيطان ينهب الأرض ويمزق الجغرافيا ويجعل قيام الدولة شيئا مستحيلا بعد تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات ومعازل وهو بلا شك عدو السلام فلا سلام ولا مفاوضات مع وجود الاستيطان الإسرائيلي. اليوم إسرائيل تتحدى الشرعية الدولية وهي تحاول الانتقام على صعيد تهديداتها بحق القيادة الفلسطينية وتقويض السلطة الوطنية بإجراءاتها العدائية والعنصرية، المعقودة بردة فعل المهزوم، بعد ما جرى في غزة ونيويورك. اليوم، يقف الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال رأسا لرأس، فلن تكون المفاوضات مستقبلا مثلما جرت عليه العادة سابقا، لكن المفاوضات المقبلة ستكون بين دولة تحتل الأرض ودولة واقعة تحت الاحتلال، وعلى المجتمع الدولي الذي حدد فلسطين الآن في الأممالمتحدة بحدود عام 1967 أن يقف لإنهاء الاحتلال عن هذه الدولة باعتبارها الدولة الوحيدة التي ما تزال تخضع للاحتلال. ويجب أن تعلم إسرائيل أن قرار بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية الجديدة في القدس والضفة الغربيةالمحتلة هو جريمة حرب تمثل سببا إضافيا، إلى جانب جرائمها في الحروب والمجازر وقتل الأطفال والنساء، لجر إسرائيل لمحكمة الجنايات الدولية وفرض العقوبات والمقاطعة الدولية عليها. وعلى السلطة الفلسطينية التحرك أولا على المستوى الداخلي لإنجاز المصالحة لأنها هي بوابة الفلسطينيين نحو الوحدة ومواجهة إسرائيل عبر جبهة موحدة، وثانيا وضع استراتيجية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى للتعامل مع مرحلة ما بعد الاعتراف مع المنظمات الدولية والإقليمية بهدف توضيح معاناة الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال الغاشم وبالتالي يتحقق هدف الاعتراف وتتحقق مصلحة الفلسطينيين.