نشارك جميعا في أحاديث وحوارات متعددة داخل مجتمعات مختلفة سواء في مجتمع العمل أو مجتمع الأصدقاء أو الأسرة، ومع تنوع المواضيع واختلاف طبيعتها نجد دائما من بيننا من هو صاحب تجربة ذات صلة بالموضوع الذي نتحدث فيه وفي الغالب تكون خبرته هذه سيئة ويستمر في سرد تفاصيلها وما تحتويه من مصاعب ومتاعب ولا يكتفي بذلك القدر بل يظل يلقي علينا تجارب أشخاص آخرين في هذا المجال والتي تكون كلها تجارب ذات نتيجة واحدة وهي لم ينجح أحد. هذا بالإضافة لنيلنا من كل ناجح أو مبدع ونبدأ بوصمه بالمحسوبية أو الصدفة هي التي صنعت منه ذلك.. بمعنى آخر لا نحب أن نرى الناجح بيننا. وعند هذا الحد نجد أمامنا بئرا عميقة يكفي أن يدلي فيها كل من المتحدثين بدلوه في باب المعوقات والسلبيات الموجودة التي واجهها الآخرون.. وكيف أن ابن خالي فلان الحاصل على شهادة (كذا) من جامعة (كذا) في تخصص (كذا) لم يجد فرصته في الحياة، وهذا قريبي علان فعل المستحيل ولم يستطع المرور على كوبري النجاح.. إلى آخر القصص التي تظهر الحياة لأولادنا على أنها كابوس ممتد على مدار حياتهم وأن النجاح هو صدفة أو منحة لا ينالها إلا من كان ماشيا في الشارع وسقطت عليه من السماء..!. ونحيط أنفسنا بالإحباطات ونسعى جاهدين إلى أن نورثها إلى أبنائنا وكأن النجاح كلمة غير موجودة في قاموس اللغة أو أحد المصطلحات العلمية المكتوبة في القرون الوسطى، وأن الناجحين والمبدعين هم أشخاص من الأساطير القديمة. وتساعدنا وسائل الإعلام كافة على ذلك من خلال تصدر أخبار القتل والكوارث والفساد عناوين وسائل الإعلام، وتقترب هذه الوسائل من النجاحات على استحياء ودون تركيز عليها فتبدو وكأنها شيء غريب لا يستحق الذكر. وننسى أن سلوكنا هذا يؤدى إلى غياب القدوة والمثل الأعلى في حياة أبنائنا ويولد بداخلهم شخصية انتهازية حاقدة، وينحصر النجاح أو الإبداع في ذهنهم على المادة فقط دون المعايير الأخرى. فمتى سيكتشف أولادنا أن هناك كلمات مثل الإبداع والنجاح؟ ، ومتى سنجد كلمة السر التي تتيح لنا فتح ملف الناجحين والمبدعين؟!.