الشعور بالانتماء إلى المكان ونقاء الأجواء من رائحة الدخان كانا أكثر ما امتدحه مرتادو ديوانيات القهوة العربية التي أخذت بالانتشار في شوارع جدة، والإقبال عليها لم يقتصر على الشباب فقط بل وكبار السن الذين يبحثون عن جو هادئ ومختلف بعيدا عن صخب المقاهي التقليدية، فالديوانية التي يغلب على ديكوراتها الطابع التراثي الجميل اجتذبت الباحثين عن الجلسات الجدية الهادفة. الدكتور عبدالله الشريف من رواد الديوانيات قال: «ماذا أحكي لك وماذا أترك؟ فالتفاصيل الموجودة في هذه الديوانيات تذكرنا بماض جميل نتمنى لو عاد إلينا أو عدنا إليه، وهذا الذي يجعلنا نرتادها، فتصاميم الفرش والمتاكئ والمساند وجدران الديوانية ورائحة القهوة العربية وعبق النعناع الذي يحوم من حولنا كلها مجتمعة تاريخ يجري في عروقنا ودمائنا، مللنا الجلوس على الكراسي فللمجالس الأرضية متعة وأي متعة». ويضيف الدكتور الشريف: «في هذه الديوانيات تستطيع أن تستضيف من تشاء دون أن يكلفك ذلك الكثير، كما أنها تختلف عن المقاهي الأخرى بإمكانية عمل عزائم فيها للضيوف بالتنسيق مع عمال الديوانية حيث يتم حجز المكان وترتيبه لاستقبال الضيوف وهو مظهر رائع من إيجابيات هذه الديوانيات». أما ياسر هاشم فذكر أنه يكفي أنه تجد لوحة على الجدار كتب عليها (ممنوع التدخين) .. وقال: «ما أجملها من عبارة ! .. افتقدناها كثيرا وافتقدنا تطبيقها واحترامها أكثر، فالمكان كما ترى خال من أبخرة دخان السجائر والمعسلات والشيش التي طالما أزعجتنا في السابق وهي ميزة جعلتني أفر من المقاهي إلى غير رجعة». عبدالحفيظ الغروي قال: «ما يميز الديوانيات تلبيتها للأذواق المختلفة للمرتادين فالقهوة العربية يتم تقديمها بعدة مذاقات فتجد الدلة القصيمية والشمالية والجنوبية وغيرها من الأنواع كما أن التمور متوافرة بعدة أنواع كالسكري والخلاص والبرحي إضافة إلى أن الأسعار مقارنة بالكافيهات تعتبر أسعار منافسة، كما أن وجود شبكة نت لاسلكية مفتوحة إحدى الخدمات التي تقدمها هذه الديوانيات ومن أسباب حث الشباب على ارتيادها .. باختصار .. المكان هنا تشعر وكأنه جزء منك تنتمي له وينتمي لك». وأشار خالد الشهيوين إلى نظافة الديوانيات واهتمام أصحابها بها بحيث تشعرك فعلا وكأنك في منزلك .. كما أن الجميل في بعض ما يقدم فيها هو محاولة عمل توليفة ما بين أكلات الحاضر والماضي .. ومن ذلك طبق الحنيني وهو عبارة عن دخن بالتمر يتم تقديمه في بعض الديوانيات مع كأس من الآيسكريم وهي طريقة لم نتعودها لكن طعمها جدا لذيذ. عبدالرحمن الزهراني قال: «من يحضر إلى هنا شريحة مختلفة عمن يقصدون المقاهي التقليدية وفي الغالب يكونون أكبر سنا، فهنا نلتقي بالأصدقاء ونتبادل الأحاديث والأفكار الهادفة، نسعى دائما أن يكون لقاؤنا مثمرا» .. كما امتدح عبدالرحمن المواقع التي يتم اختيارها لإقامة مثل هذه الديوانيات حيث أنها تكون في أطراف الأحياء بعيدا عن إزعاج العوائل. محمد الوراق ذكر أن هذه الديوانيات نموذج مثالي للخيمة العربية بكل أصالتها، ولكنه تمنى لو كانت الجلسات أكثر سعة حتى تستوعب عددا أكبر. عبدالله البقمي حضر لأول مرة ولكنه تفاجأ بالديكورات التي جعلته يشعر وكأنه في مجلس بيته وذكر أنه في حين لا يستطيع أن يستضيف أحدا من أقاربه من كبار السن في مقهى إلا أن هذا المكان مناسب لإحضار الضيوف دون أدنى حرج.