اعتبر وزير خارجية المجر يانوش مارتوني الاعتراف بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية خطوة مهمة وضرورية جدا لمرحلة ما بعد نظام بشار الأسد. وقال مارتوني في حوار مع «عكاظ» إن على هذا الائتلاف أن يثبت مصداقيته لكي يكون بديلا للنظام يمكن الاعتماد عليه من أجل تحقيق آمال الشعب السوري في دولة ديمقراطية. وردا على سؤال عن طلب منح فلسطين وضع دولة غير عضو في منظمة الأممالمتحدة، قال: إننا ندعم جميع الخطوات الرامية لتحقيق السلام الشامل والدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة، مؤكدا ألا بديل لخيار الدولتين. ورأى أن انتقال مجلس التعاون الخليجي إلى مرحلة الاتحاد توجه سياسي واستراتيجي مهم. وفي ما يلي نص الحوار: شاركتم في الاجتماع الوزاري العربي الأوروبي الذي استضافته جامعة الدول العربية في القاهرة مؤخرا، فكيف تقيمون نتائج هذا اللقاء؟ لقد سعدت جدا بالفرصة التي أتيحت لي للقاء الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية. وفيما يتعلق بالاجتماع الوزاري أعتقد أن هناك قناعة أوروبية بأن دور الجامعة العربية يتزايد، وأن هناك تطلعا أوروبيا للتعاون معها كشريك استراتيجي. وفي نفس الوقت يهمنا التركيز على العلاقات الأوروبية الخليجية. وهي علاقات تتسم بالثقة المتبادلة، والعمق السياسي والاستراتيجي والأمني. وقد ناقش الاجتماع ملفات تهم الجانبين، وعمل على فتح مجالات كثيرة لاسيما بالنسبة لدول الربيع العربي. تصدر الملف السوري موضوعات جدول أعمال ذلك الاجتماع، فما موقفكم حيال الائتلاف الجديد للمعارضة السورية ؟ لا شك في أن توافق المعارضة السورية تحت مظلة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية والاعتراف به يشكل خطوة مهمة وضرورية جدا لمرحلة ما بعد نظام بشار الأسد، على أن يلتزم الائتلاف بمبادىء الديمقراطية وحقوق الإنسان. وأن يعمل لضم باقي المعارضة والتعاون مع المبعوث الأممي العربي الإبراهيمي لتحقيق التحول السياسي في سورية. وبالطبع سيكون من اهتمامات الجانب الأوروبي التشاور مع هذا الائتلاف الذي ينبغي أن يثبت مصداقيته لكي يكون بديلا للنظام يمكن الاعتماد عليه في المرحلة المقبلة من أجل تحقيق آمال الشعب السوري في دولة ديمقراطية . وما هو موقف بلادكم من طلب منح فلسطين وضع دولة غير عضو في منظمة الأممالمتحدة؟ نقدر للجانب الفلسطيني ما قدمه من تفاهم وتجاوب في حواره مع الجانب الاوروبي. ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يدرسون هذا الطلب ولم يصدر بعد قرار بشأنه. والمجر سوف تحدد موقفها بعد التشاور مع شركائها الأوروبيين. وعموما نحن ندعم جميع الخطوات الرامية لتحقيق السلام الشامل والدائم بين الفلسطينيين والإسرائليين، وإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقادرة على الحياة والتي تعيش في سلام مع دول الجوار. الأمر الذي يحقق أيضا أمن إسرائيل. وأحب أن أؤكد على أنه لا بديل لخيار الدولتين. وقد أكدت ذلك في أكثر من لقاء وسوف أتوجه الشهر المقبل إلى منطقة الشرق الأوسط حيث سأزور السلطة الفلسطينية، وستكون هناك فرصة للتشاور وتبادل الآراء. وفي نفس الوقت نتابع باهتمام اجتماع لجنة المبادرة العربية للسلام. كما أن هناك حراكا أوروبيا عربيا ليس لحل قضية الصراع العربي الإسرائيلي فحسب، بل أيضا للتعاون في حل الأزمات التي تواجهها المنطقة، ولها انعكاس سلبي على عملية السلام. هناك توجه لانتقال مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، فكيف ترون هذه الخطوة؟ انتقال مجلس التعاون من مرحلة التعاون إلى الاتحاد توجه سياسي واستراتيجي مهم. وإن دل على شيء فإنما يدل على طموحات تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. ومن واقع تجربتنا نرى أن ولادة الاتحاد تحتاج إلى وقت وعمل دؤوب وتفاهم بين الأطراف والدول لتحقيق المبادرة غير المسبوقة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العام الماضي. وكانت لها ردود فعل إيجابية جدا في الأوساط الأوروبية. وهناك مشوار أمام الاتحاد الخليجي يتعلق بسياسة التوسع، والعملة الخليجية الموحدة والشرطة وعمل اللجنة الأمنية الدائمة. ومع كل هذه التحديات نرى أن مجلس التعاون الخليجي بات مستعدا لهذه الخطوة المهمة. وقد مررنا في أوروبا بهذه التجربة، ومستعدون لتقديم العون والخبرة. كيف تقرؤون دور المملكة في المنطقة والعالم، والعلاقات السعودية المجرية ؟ لا شك في أن المملكة حريصة جدا على سياسة تهدف إلى تحقيق الأمن في منطقة الخليج والعالم العربي عموما. ونحن نقدر جهود الملك عبد الله ونعتبر التواصل السياسي مع المملكة جسرا للتواصل مع العالم العربي بصفة عامة ومنطقة الخليج العربي بصفة خاصة. ونرى أن هناك إصرارا سعوديا على تحقيق الاستقرار في المنطقة ونتابعه باهتمام. وهو مبني على مبادرات الملك عبدالله التي تجسد الرؤى السياسية العميقة. وانطلاقا من هذا المفهوم نتوقع أن تشهد العلاقات المجرية السعودية انطلاقة إيجابية جدا. حيث شاركنا في الاجتماع البرلماني لمجموعة ال 20 الاقتصادية. كما زار وفد من مجلس الشورى السعودي بودابست والتقى الرئيس المجري الدكتور يانوش آدر. ونحن نعتقد أن التعاون المبني على الثقة المتبادلة بين البلدين سيثمر نتائج إيجابية ملموسة للدولتين لاسيما فيما يتعلق بالملفات ذات الاهتمام المشترك فضلا عن تقديرنا للدور الإنساني للملك عبد الله ولجهوده لإطلاق حوار أتباع الأديان والثقافات. وإلى جانب ذلك نحن نعمل من أجل تعاون استثماري بين المجر والمملكة، ونسعى لتعزيز الاهتمام الخليجي والعربي بالعلاقات مع المجر ودول أوروبا الوسطى. تشهد الأسابيع المقبلة لقاءات بين القوى الدولية وإيران في بروكسل وفيينا، فما هي توقعاتكم للنتائج التي ستتمخص عنها هذه اللقاءات؟ هذا الحراك الدولي الدبلوماسي مهم جدا من أجل التوصل إلى حل لمشكلة البرنامج النووي الإيراني، ومن أجل الشفافية التي نطالب بها للكشف عن طبيعة ذلك البرنامج. وما الذي سيترتب على زيادة قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم. ونحن ننتظر من طهران تقديم ضمانات تفيد بعدم وجود أنشطة نووية وهو أمر ما زال مطروحا. أما عن اللقاءات فسيعقد اللقاء الأول في 21 نوفمبر الحالي في بروكسل لمجموعة 5+1 «الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا» مع إيران. والثاني سيعقد في ديسمبر المقبل بين الوكالة الدولية للطاقة النووية وممثلي طهران. خلال رئاسة المجر للاتحاد الأوروبي أعلنتم عن اهتمامكم بأمن الخليج وأهمية حل مشكلة البرنامج النووي الإيراني، فما الجديد في هذا الشأن ؟ ما زلنا عند موقفنا الداعم لأمن الخليج. وهذا الملف من أكثر الملفات أهمية خاصة أن منطقة الخليج تشكل عمقا أمنيا واستراتيجيا لأوروبا. ولها تأثير كبير على السلام العالمي؛ ولذلك فإن الجانب الأوروبي حريص على التعاون مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لاحتواء الملف النووي الإيراني انطلاقا من أن أمن واستقرار الخليج بات ملفا ملحا جدا سيما في ضوء الأحداث التي تشهدها الساحة العربية . شاركتم في المنتدى الألماني المجري الذي عقد في برلين مؤخرا، فما أبرز ما ناقشه هذا المنتدى؟ هذا المنتدى الذي يعقد للمرة ال 22 يؤكد على أهمية العلاقات المجرية الأوروبية من جانب والمجرية الألمانية من جانب آخر. فنحن بعد 23 عاما من سقوط سور برلين نعمل في إطار دبلوماسية حريصة جدا على عدم بناء أسوار جديدة في أوروبا وهو أمر مهم جدا ولا بد من التنبه له. كما أنني حرصت في المنتدى الذي استضافه وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفله على أن يكون هناك اهتمام أكثر بدول أوروبا الوسطى، والا تحدث فجوة ثقافية واقتصادية في الاتحاد الأوروبي. كما أننا نحذر من أي تهميش لدول أوروبا الوسطى؛ ولذلك كان اهتمامنا بمجموعة دول فيزاجراد وهي تضم إلى جانب المجر كلا من بولندا وجمهورتي التشيك وسلوفاكيا. أخيرا كيف تلقيتم فوز الاتحاد الأوروبي بجائزة نوبل للسلام؟ في الحقيقة يأتي فوز الاتحاد الأوروبي بجائزة نوبل للسلام نظرا لما قدمته منظومته من مبادىء تتعلق بإقرار حقوق الإنسان، وسياسة السلام في أوروبا على مدى ستة عقود، لاسيما أن القارة الأوروبية تحولت خلال هذه الفترة من قارة محاربة إلى مسالمة. وفي نفس الوقت مهد الاتحاد الأوروبي لسياسة حكيمة للتقارب بين ألمانيا وفرنسا فضلا عن أنه لم يحقق وحدة المؤسسات الأوروبية فحسب، بل أصبح بصدد وحدة الشعوب المبنية على مفهوم السلام الذي من شأنه أن يحقق الاندماج لشعوب أوروبا. وهو أمر ضروري من أجل التطور الاجتماعي والاقتصادي لأوروبا. وبالطبع هذا لا ينبغي أن ينسينا أزمة الديون الأوروبية والأوضاع الاقتصادية في عدد من دول أوروبا. وأود أن أؤكد على عزم المجر على دعم المشوار الأوروبي من أجل تحقيق السلام والأمن العالمي .