لم يكن العالم يحتاج لأكثر من دقائق ليكرس خصوصية فوضويتنا، هذه المرة رياضيا استقبال «ميسي ورفاقه»، وما صاحبها من ارتجال رسخت فكرة صورها تجمهر كارثة الغاز بالرياض ومحاولة الصبية التقاط ما تبقى من آثار الدمار في منظر نشرته إحدى الصحف الإنجليزية، مساء الاثنين وبعد دقائق من وصول ميسي ورفاقه لمطار الملك خالد نشرت صحيفتان، إحداهما إسبانية والأخرى أرجنتينية صورا لفوضى الاستقبال، عنونتها بخوفها على النجم الأرجنتيني وهو في حالة هلع، هذه الصورة جزء من رسالة بات الإعلام كوسيلة اتصال يقدمها كنموذج لتراث الشعوب وطبيعتها، لذلك هي كثيرة الأسئلة التي اعتدنا عند كل حدث أن نصرخ بها مهما اختلفت صياغتها، لكن هذه الإجابة تظل واحدة إلى متى هذه الفوضى تتقمصنا في جميع مناحي حياتنا ولم يعد مجديا إرهاق النفس بتكرار هذا السؤال حتى أصبحت قاعدة سلوكية في حياتنا. السؤال الغائب لماذا تطور هذا السلوك حتى أضحى جزءا من ثقافتنا ؟ وهل يعني هذا خللا سلوكيا أو نقصا في مكوناتنا التعليمية، تظل الإجابة مفتوحة حتى نعرف أين مكامن الخلل، أتمنى أن لا يتكرر هذا المساء شيء من هذه الفوضى، وأن نستمتع بلقاء حرصنا عليه كإعلام منذ زمن باختيار منتخبات أكثر قدرة وشهرة للاستفادة من تجاربها وتحسين الصورة بدلا من منتخبات ليس لها أي تاريخ في كرة القدم، لأن مثل هذه المباريات تعتبر من اللقاءات التي تجهز اللاعبين ذهنيا وتستحث فيهم الروح القتالية من أجل مجاراتهم، كما أنها اختبار لقدرات شابة قيمة وكيفية، كما أن الاحتكاك بمثل هذه النوعية من اللاعبين أصحاب المهارات العالية يكون تأثيره كبيرا خاصة على لاعبين صغار السن، وهو ما يجعلهم يقدمون كل ما لديهم من إمكانات خصوصا حينما يكون المقابل أمثال «ميسي» وغيره ممن يعتبر قدوة لصغار السن من اللاعبين، نعم لا تهم نتيجة المباراة ولا تعنينا بقدر ما نتمنى أن يكون مستوى منتخبنا قويا ويقدم صورة مغايرة للواقع الذي تعيشه كرة القدم، وهو مطلب يسعى إليه المدرج الرياضي، يظل نزال الليلة واحدا من النزالات النوعية التي يستمتع الجمهور السعودي بمشاهدتها في المدرج، كما أنه مطالب في الوقت ذاته بأن يقدم هذا الجمهور صورة إعلامية ناصعة تعطي انطباعا لمذاقه الرياضي. *** الاستفادة من أخطاء الآخرين جانب من تصحيح مسار الحياة، فكيف إذا كان الأهلي: هو التاريخ الذي جسدته الحياة، وبالتالي أخطاؤه يستفيد منها الآخرون. القاعدة تقول إن بعد القمة عدم اتزان، وبالتالي سقوط.. في الأهلي عودة الروح وصناعة الثبات في الفريق وبالتالي الشموخ، لست بحاجة لتقديم رؤية متكاملة عن الأندية الأخرى، فحتى العودة بعد الهزيمة يأتي في جنح الظلام ويصل التجاهل حتى المواصلات يتوسلونها، الأهلي «الرؤية والهدف» كانت واضحة حد الشمس. رأينا كيف اندفع مجانين ميسي في صورة من صور الفوضى المخجلة، وعلى النقيض هنا في جدة رأينا كيف خرج المدرج «المجنون» يستقبل أبطاله رغم خسارة البطولة في صورة من صور الراقي، يتقدمهم «الرمز» ليمتص حزنه كرحيق يداوي به جوانب فقدت الضوء ليعيد للجسد شعاعه، القاعدة في مباريات الفصل تكون الهزيمة عامل هدم تتطلب زمنا لإعادة تكوينه، الأهلي يأتي الاستثناء أيضا إذ أن فرسان الاستحقاق الآسيوي هم ثمار يانعة، الخسائر تقويهم وتشد من صلبهم ليكونوا أكثر تصميما لمعاودة التجربة على بلوغ الهدف، على اعتبار أن الفكر الذي صنعهم غرس فيهم أن روح التحدي وتكرار التجربة تجعل منهم مساحات أمل كأمواج يتجاوزون بها الصعب، فهم يعرفون أين يقفون وكيف تكون اتجاهاتهم الصحيحة، عازمون على ترحيل المجد للاستحقاق الآسيوي القادم. سيكتب التاريخ بأن فريق النادي «الأهلي» قفز كثيرا فوق ما يسمى بتصدع الموقف بل لم يكن السؤال أصلا في ذهنهم عقب خسارتهم للاستحقاق الآسيوي ذاك أيضاء لأنهم حينما رسموا خريطة طريق عودتهم لمنصات التتويج «مهروه» مع مدرجهم المجنون بعقد «وعبر الزمان سنمضي معا». *** في الانتخابات أي انتخابات يمارس التكتل لكنه وفق تطابق «البرامج»، في انتخابات اتحاد كرة القدم المقبلة وهي التجربة الأولى يبنى التكتل على ما يسمى «بالفئوي»، وهو خطر على مستقبل الرياضة، كل الإرهاصات تقول إن هناك مخططا عبثيا مورس بأياد خارج إطار الجمعية العمومية لاختطاف القرار داخل اتحاد الكرة، فمن أتى «بالرئيس والنائب والأمين» من الناديين الأكثر صخبا هو من سيمارس اتخاذ القرار وليس المسؤولين المنتخبين.