تابع العالم الانتخابات الرئاسية الأمريكية أمس كحدث استثنائي وليس مجرد فعل يحصل في أي بلد آخر، فالتصويت وإن كان أمريكيا وفي الولاياتالمتحدة، فإن الشعوب كافة تابعت الحدث وكأنها معنية بهذا التصويت وبهذه العملية السياسية، مما يطرح الكثير من التساؤلات حول أهمية هذه الانتخابات بالنسبة لشعوب العالم. لطالما كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ الحرب الباردة تستقطب الأنظار بحدثها الانتخابي الرئاسي، نظرا للدور الكبير والمحوري الذي كانت تلعبه في المواجهة مع الاتحاد السوفيتي السابق وانقسام العالم بين هذين المحورين. وهذا الاستقطاب كبر وتطور مع سقوط الاتحاد السوفيتي واحتلال الولاياتالمتحدةالأمريكية منفردة لموقع القيادة والريادة في العالم، وهو ما أطلق عليه أحادية القيادة السياسية. شعوب العالم وتحديدا في الدول النامية تنظر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية كلاعب أساسي في القضايا، لا، بل أكثر من ذلك، حيث تنظر إلى هذا اللاعب على أنه ورقة الحسم الوحيدة في هذه القضايا، فهي القادرة على شن الحروب وعلى منع بعضها من الاشتعال، كما أن الاقتصاد العالمي يتحرك بجاذبية محكمة مع الاقتصاد الأمريكي. كل هذه العوامل جعلت الولاياتالمتحدةالأمريكية مركز الاستقطاب العالمي ثقافيا وهوليوود هي النموذج واجتماعيا عبر الوجبات الأمريكية والملبس الأمريكي، ولعل آخر الرؤساء السوفيات غورباتشوف كان محقا عندما قال: «لقد هزمنا الجينز الأمريكي»، فكيف بالسياسة وعلى رأسها الانتخابات الأمريكية الرئاسية. فالمتابع لهذه الانتخابات من شعوب العالم في كافة العهود يقرأ فيها مصائر قضاياه الأساسية، فالرئيس الجمهوري رؤيته لا بد أن تختلف عن الرئيس الديمقراطي والعكس صحيح أيضا. هذه المحورية الأمريكية حولت الانتخابات الرئاسية الأمريكية من انتخابات محلية إلى انتخابات عالمية لا تعني الولاياتالمتحدةالأمريكية ولا الناخب الأمريكي وحسب بقدر ما باتت تعني دول العالم وشعوبها دون أي تفرقة. إنها انتخابات عالمية بكل ما للكلمة من معنى، من حيث الشكل حيث يتابعها العالم بمجمله بكل تفاصيلها، أو من حيث المضمون حيث ترسم هوية الرئيس الجديد ملامح السنوات الأربع التي ستعيشها القضايا الدولية. هل هو استقطاب جديد من نوع آخر أم أنه واقع لمسار واضح؟. الولاياتالمتحدة بعملتها وفنها وسياستها تأسر العالم بصناعة فضاءات لكل مرافق الحياة، إنها الحمى الأمريكية التي تصيب العالم وستبقى تصيبه طالما كل سياسات العالم تقودها أمريكا، حيث الحلم للشعوب الفقيرة والخوف عند الدول العريقة وما بين الفقر والخوف تصاغ الحكاية. فما بين «الحمار» و«الفيل» حكاية عالمية بأبطال ولغة أمريكية، أليس هكذا هي أفلام هوليوود التي لطالما تابعنا وأحببنا.