شهد عام 1979 ثلاثة أحداث تضعه في مصاف السنوات التي غيرت العالم مثل عام 1914 الذي انطلقت فيه شرارة الحرب العالمية الأولى وأدت إلى اختفاء امبراطوريات: ألمانيا، النمسا، هنغاريا، وتركيا، وعام 1917 الذي شهد الثورة الروسية، وعام 1939 الذي شهد بداية الحرب العالمية الثانية والتي انتهت بهزيمة ألمانيا النازية واليابان، وبزوغ القوتين العظميين: الولاياتالمتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي واللذين سيتنافسان على المكانة والنفوذ في العالم حتى اختفاء إحداهما في بداية التسعينات من القرن العشرين. أما عام 1979 فقد شهد ثلاثة أحداث أدت إلى تحولات كبرى إقليمية وعالمية. كان الحدث الأول هو الغزو السوفياتي لأفغانستان في كانون الأول (ديسمبر) عام 1979 الذي ساهم في مجيء رئيس أميركي محافظ هو رونالد ريغان 1980-1988، سيصمم على الدخول في مواجهة عسكرية، وسياسية وأيديولوجية مع الاتحاد السوفياتي، ويدعم حركة المجاهدين الأفغان المقاومة للوجود السوفياتي، الأمر الذي انتهى إلى إقناع القيادة السوفياتية الجديدة بزعامة ميخائيل غورباتشوف إلى الانسحاب من أفغانستان ضمن سياسته في إعادة النظر في أركان ومقومات السياسة الخارجية والداخلية للاتحاد السوفياتي. هذا التطور انتهى بأن أصبحت أفغانستان بالنسبة إلى غورباتشوف هي فيتنام وأسوأ وأن يخسر 15 ألفاً من جنوده، الذي دفع غورباتشوف أن يقرر الانسحاب من أفغانستان الذي كان عملية طويلة ومهينة، وكانت بالفعل نهاية الامبراطورية السوفياتية في أوروبا حيث حركت ثورات شرق أوروبا عام 1989 والاتحاد السوفياتي نفسه بعد عامين. أما الحدث الثاني فهو ما يعتبر الثورة الصينية الثانية التي جاء بها الزعيم الصيني دنج تشاو بنغ، والتي شهد عام 1979 بداية تنفيذها وأدخل بها إصلاحات اقتصادية وأيديولوجية على النظام الصيني القائم على التطبيق الماركسي اللينيني، كما طبقه ماو تسي تونغ وكان من علاماته نظام الكلوميونات في المجال الزراعي، والقفزة الكبرى إلى الأمام، والثورة الثقافية. وجاءت إصلاحات وانفتاح دنغ لكي يحقق تقدماً في النمو وصف بأنه غير مسبوق في التاريخ البشري، والأسرع من أميركا واليابان، والأكثر سرعة من اليابان وكوريا الجنوبية، ومن المعجزات الآسيوية الأخرى، وتدور توقعات الاقتصاديين على أن الاقتصاد الصيني سيتجاوز نظيره الأميركي عام 1927، وأن الهاجس الأميركي أصبح هو أن الصين ستكون القوة التي ستنافس الولاياتالمتحدة على المكانة والنفوذ في العالم، أو كما عبر الكاتب البريطاني مارتن جاك بأن الحزب الشيوعي الصيني وهو يشرف منذ حقبة دنغ وما بعدها على تحويل الصين فإن هذه العملية سيكون لها تأثير عميق على الحداثة الصينية وكذلك على العالم الواسع. أما الحدث الثالث فهو الثورة الاسلامية التي أطلقها الزعيم الإيراني آية الله الخميني وأسس بها الجمهورية الإسلامية والتي أطاحت نظام الشاه حليف للولايات المتحدة والغرب، ودخلت في عداء مع واشنطن التي اعتبرت «الشيطان الأكبر» وأطلقت تيار الإسلام السياسي الذي سيشكل جوهر ما سيعتبره بعض المؤرخين ب «صدام الحضارات الإسلامية والغربية». وفي ظل الزعيم الإيراني أحمدي نجاد ستقف إيران بتصميمها على بناء برنامجها النووي على هوة الصدام مع أميركا والغرب واسرائيل، وسيعتبرها البعض في إقليمها مصدر تهديد، وتجيء انتخابات عام 2009 الرئاسية لكي تترك الأفق مفتوحاً عن ما كشفت عنه وبلورته من صراع بين تياري التجديد والمحافظة، وعن العلاقة بين الدولة والمجتمع وعن طبيعة ومستقبل النظام في إيران والشكل الذي يأخذه في المستقبل. * المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية