أكد علماء الأمة الإسلامية على أهمية خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي ألقاه في الحفل السنوي للوفود والشخصيات الإسلامية، مشددين في حديث ل «عكاظ» على أنه حفظه الله وضع الدواء في موضع الداء وشخص حالة الأمة وأعطاها العلاج الناجع لوضعها الحالي، موضحين أهمية اتباعها للخروج من الوضع غير المرضي الذي تعيشه الأمة من تشرذم واختلاف وانتشال أبنائها من الفقر والجهل والتخلف .. فإلى التفاصيل: في البدء ثمن عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي وإمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد، المضامين الواردة في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مشيرا إلى أنها شخصت مشكلات الأمة وأوجدت لها الطريق المناسب إلى حلها، وأوضح ابن حميد أهمية الحوار في التوصل إلى التفاهم المشترك والوقوف على أرضية صلبة، لافتا إلى أن اختلاف الآراء ليس مدعاة للتنافر والتباغض، وقال: «من أراد وحدة الصف وجمع الكلمة فليستوعب تعدد الآراء والاجتهادات، فيما يسع فيه ذلك، وليتجاوز ذلك إلى استيعاب الخلاف في الرأي، ولا يمكن أن يكون الناس نسخة واحدة. وبدلا من السعي لتذويب ما لا يمكن تذويبه من الفوارق ينبغي أن يتركز الأمر على استجلاء الثوابت، وضبط الاجتهادات وتسديد المسيرة»، وأضاف: «إن مما يقلل الاختلاف والصراع، أن يسود بين النخب جو الحوار الرشيد وبدون الممارسة الراشدة سيبقى الحديث عن آدابه وأخلاقياته حديثا نظريا، ومن تأمل واقع السلف رأى ذلك جليا؛ فكانوا يختلفون ويسود بينهم الحوار والمناظرة والجدال بالتي هي أحسن». الأفق الواسع وبعد النظر من جهته، قال نائب أمين مجمع الفقه الإسلامي بالهند الشيخ الدكتور بدر القاسمي: «لاشك أن خادم الحرمين الشريفين يتميز بين قادة العالم ببعد النظر والأفق الواسع ويدرك ضرورة أن تعيش الأمم في أمن وسلام ويحرص الحرص الشديد أن يكون بين المسلمين التكاتف ونبذ الخلافات، ومن هذا المنطلق كان مبادرته في الأعوام الماضية حفظه الله للحوار بين الأمم والشعوب الأخرى لها تأثير كبير وأصداء واسعة على العالم خاصة في موسم كبير ومهم مثل الحج، فعندما رحب خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بضيوف الرحمن في قصر منى ألقى كلمة متميزة ركز فيها على الحوار بين الفئات والمذاهب المختلفة بين المسلمين؛ لأنهم يعانون معاناة شديدة في مجالات مختلفة كلها ترجع إلى ما يوجد من خلافات، وقد جاءت مناشدة الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله من خلال كلمته أمام الضيوف مبادرة في وقت مناسب وسيكون لها تأثير كبير لأن الأمة أصيبت بسبب الحروب والاشتباكات واستهداف المسلمين من بعض أصحاب الديانات الأخرى وكل ذلك بسبب التفكك والضعف الداخلي من الفئات المختلفة ويجب على المسلمين أن يترفعوا عن ذلك، وأضاف: «أفهام الناس تختلف فهناك مجال في فهم نصوص القرآن والأحاديث وتراث كل فئة، لكن يجب ألا يؤثر هذا على الفئات المختلفة ويحدث التنافر لأن المسلمين أمة واحدة والنبي صلى الله عليه وسلم تركنا على ملة بيضاء وأسس حق واضحة، كما أن طرق الاستدلال والاستنباط واضحة ولذلك لا ينبغي أن تكون الخلافات المذهبية سببا للتناحر»، وأكد القاسمي أن خطاب خادم الحرمين كان مؤثرا، وقال: «سيكون له تأثير كبير على مستوى العالم خاصة بين الفئات المختلفة، ونحن في المستقبل القريب هناك بعض المؤتمرات والندوات التي تعقد في المملكة من أجل تفعيل الحوار بين الفئات المختلفة أو المذاهب الإسلامية المختلفة»، وأضاف: «نثمن لأحد المثقفين المسلمين تأليفه كتاب «إسلام بلا مذاهب»، صحيح أن المذاهب موجودة من قبل لكن هذا سبب الاجتهاد ولا ينبغي أن يكون وسيلة للتناحر والاجتهاد كما كان الأئمة السابقون أصحاب المذاهب الفقهية الأخرى وكذلك الفقهاء الآخرون الذين كان لديهم طلاب من مذاهب أخرى ورغم ذلك نقلوا عنهم العلم وكان هذا لا يؤثر إطلاقا». علماء بلاد الحرمين وقال: في بلاد الحرمين مناسبات الحج على سبيل المثال كانت سببا للاستفادة والتقاء بعض العلماء الذين يأتون من أقطار مختلفة ينهلون العلوم من علماء بلاد الحرمين، وهنا أؤكد فأقول إن خطاب الملك كان مؤثرا جامعا وسيكون له الصدى الأكبر والتأثير الأوسع، وعلى كل من سمع الخطاب من الإعلام أن يؤدوا دورهم في تفعيل هذه الروح التي أبداها الملك عبدالله يحفظه الله ، خصوصا في مناسبة عالمية كالحج يأتي إليها المسلمون من كل أقطار العالم على اختلاف لغاتهم وقومياتهم يجتمعون في عرفة وحول الكعبة، وأقول إنه ليس هناك مناسبة أفضل من هذا الموسم العظيم وينبغي علينا اغتنام الفرصة ومبادرة خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله لطرح الموضوع ومناشدة المسلمين ليتحلوا بروح الحوار ويحترم بعضهم البعض مهما كان من خلافات. وأردف قائلا: على أساتذة الجامعات أن يتبنوا هذه الفكرة لأن التناحر سبب لجلب نقمة الاستعمار خاصة في هذا العصر والمسلمون معرضون في العالم لتحديات تواجههم فعليهم أن يصغوا لما قاله الملك عبدالله بأذن واعية وقلوب مفتوحة ويعتبروا مناسبة الحج كانت متميزة فعلا، ونتمنى لخادم الحرمين الشريفين مزيدا من التوفيق وأن يحفظه الله، فهو صاحب إنجازات ومواقف معروفة سواء داخل المملكة أو على مستوى العالم أو داخل الوطن العربي كذلك، ويقدم أفكارا تقضي على كثير من المشكلات والمعاناة التي يواجهها المسلمون، وأرجو من وسائل الإعلام أن يهتموا أكثر بهذا الجانب وكذلك أصحاب الجمعيات والجماعات أن يتبنوا مشاريع خاصة لتفعيل هذه الفكرة لأن هذا الخطاب سيكون في صالح المسلمين ويؤدي إلى رأب الصدع وسد الفجوة وقيام أمة واحدة واعية، لأن المسلمين معروفون بأنهم ينبغي أن يكونوا دائما أمة واعية ذات حضارة راشدة وقد استفاد غير المسلمين في الماضي من ثقافتهم، وينابيع العلم جرت من خلال علماء أعلام نبغوا بين المسلمين وكذلك في هذا العصر، وينبغي أن يكون التركيز على جانب التنمية وبناء البلاد ومنافع البلاد. رعاية المسلمين في العالم من جهته، قال مفتي شمال لبنان وطرابلس الشيخ الدكتور مالك الشعار: تحمل كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله معاني الهم الذي يحمله أيده الله وكعادته كلما استمعنا إليه وجلسنا نسمع منه جديدا وما يتناسب مع المسؤولية التي يحملها وهي رعاية المسلمين في العالم. وأضاف: المملكة ومليكها ليس حاملا لهم شعب المملكة وكفى وإنما هم مسيرة العالم الإسلامي وتاريخ الأمة العربية كذلك وأشار حفظه الله في خطابه إلى نقاط أساسية هي سبب الفرقة والانهيار والتخلف ألا وهو الجهل. أشار لذلك بوضوح إلى أن الجهل هو المعول الأكبر لهدم الأمم وكثرة مشاكلها وانتشار الفساد فيها فالجهل لا يلتقي مع الدين ولا القيادة ولا مستوى الأمة التي كرمها الله فقال (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله). فأمة القيادة لا يمكن إلا أن تكون أمة متعلمة رائدة قيادية تتسلح بالعلم وتترفع عن الجهل وتدفنه وتجعل من أبناء الأمة أمة راقية متعلمة لأن العلم وحده مع القيم والأخلاق يترجم القيم الدينية التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم، وألفت النظر إلى أن أول ما نزل من القرآن «اقرأ» وأن الشيء الأوحد الذي أمرنا الله أن نطلب المزيد منه العلم حيث قال (وقل رب زدني علما)، فالعلم والقيم الترجمة الحقيقية لرسالة الإسلام حتى تتوحد مسيرتها وتترقى في حياتها وتقدم الخير ليس لأبناء الأمة فحسب وإنما أمرنا الله أن نقدم الخير للعالم كله ولعله من أعظم أسرار الرسالة الإسلامية التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال الله له: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا رحمة مهداة»، ولا يمكن أن نترقى وندفن التخلف والجهل إلا بالعلم والمحبة والوحدة والتعاون ونخرج من إطار التشرذم والتقاتل والمخاصمة والفرقة ولذلك كانت الكلمة التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين من منى حيث تجتمع الملايين من عباد الله عز وجل أعلن الملك عبدالله أن الوحدة ورقي الأمة وتقدم الشعوب لا تتحقق إلا إذا أنهينا وجود الجهل بنشر العلم وتركنا وترفعنا عن مظاهر التخلف والفقر والجهل وكل ما له علاقة بالخصومات الداخلية والمذهبية والطائفية، الكلمة كانت جامعة وإن دلت فإنما تدل على عظم المسؤولية والمشاعر التي يحملها خادم الحرمين باعتباره قائدا لمسيرة التضامن الإسلامي ومسيرة الخير انطلاقا من بلد الخير ومملكة الخير والرسالة التي جاءت لتحقيق الخير إلى سائر العباد قريبهم وبعيدهم. دعوة مهمة ومتجددة من جانبه، أكد رئيس لجنة الشؤون التعليمية في مجلس الشورى الدكتور أحمد آل مفرح على أهمية دعوة خادم الحرمين الشريفين المتجددة إلى الحوار وأنه سبب لإزالة الاختلافات بين المسلمين، مشددا على أن غياب الحوار طريق إلى وجود سوء الفهم وعدم المعرفة بالآخر في كل الأصعدة الأسرة، المدرسة، المجتمع المحلي، والعالم كله، مشيرا إلى أن لغياب الحوار تأثيرا سلبيا على التفاهم والتعايش والسلام. وأكد آل مفرح على أن أهمية الحوار نتج عنها انطلاق مبادرة خادم الحرمين الشريفين لإرساء مبدأ الحوار، مشيرا إلى أنها تكريس لمبدأ إسلامي نص عليه القرآن الكريم والسنة النبوية. وجزم عضو مجلس الشورى أن زمن حل المشكلات بالصراخ انتهى إلى غير رجعة، مبديا تفاؤله ببرامج مركز الملك عبدالعزيز للحوار لإبراز مخرجات تعليمية أفضل من الحالية. وقال آل مفرح: مؤلم جدا أن نشاهد في مجتمعاتنا أن العنف حل بدلا عن الحوار، وتطلع إلى ترسيخ حوار له مردوده الإيجابي في المدارس والجامعات بتعزيز كل الإمكانات له، مشيرا إلى أن الحوار لم يغب عن المجتمع إلا أن درجات تطبيقه تختلف، إذ لم يكن يتوافق مع التطلعات ويتماشى مع ضغوط الحياة. حرص وغيرة على الأمة إلى ذلك، أكد وزير العدل والشؤون الإسلامية المالديفي السابق الدكتور محمد رشيد إبراهيم على أن خادم الحرمين الشريفين بحرصه على أمته وغيرته الدينية يشدد على أهمية الحوار ودوره في رأب الصدع، لافتا إلى أن لهذه النصيحة العالمية المخلصة الأثر الكبير على الجميع. وقال: هذه الجهود العالمية التي بدأها خادم الحرمين الشريفين من مؤتمرات وندوات في أوروبا ودولها مثل ألمانيا وسويسرا وإسبانيا لها أثر كبير. المملكة تقود هذه المبادرة المهمة وأنشأت مؤسسات كثيرة مثل رابطة العالم الإسلامي ومجمع الفقه الإسلامي وساعدت على إنشاء منظمة التعاون الإسلامي ومجمع الفقه العالمي التابع لمنظمة التعاون، وكل هذه المؤسسات تسهم في إرساء مبادئ الحوار والتفاهم المشترك ونرجو أن نصل إلى ما يصبو ويتطلع إليه الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله. وقع كبير وأثر واسع من جانبه، ثمن مفتي موريتانيا الشيخ الدكتور أحمد ولد المرابط الشنقيطي حث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله على محاربة الجهل بأنواعه المؤدية إلى الفقر والتخلف، مبينا أن لهذه الكلمات الوقع الكبير والأثر الواسع الذي يقدره كل مسلم. وبين الشنقيطي أن الجهل بالإسلام جلب كل المشكلات والمحن والمصائب التي حاقت بالمسلمين وللأسف يتأرجح المسلمون اليوم وسط سلم المعرفة والعلم والتربية فلا هم أشربوا الأخلاق الدينية الإسلامية ولا أخذوا بالمدنية الحديثة التي يأخذ بها الغرب والتي تدعو إلى العلم وإتقان العمل. وأضاف: الجهل والتخلف بابان مفتوحان كلاهما يوصل للآخر ولا يمكن لإنسان أو شعب أن يتقدم أو يحقق تطورا في ظلهما والكوارث الطبيعية والبشرية التي تحدث في بلدان كثيرة نجد أن دمارها وآثارها في البلاد الإسلامية أكثر من غيرها والغريب أن الإهمال يتسبب في أزمات كثيرة تحسب الدول المتقدمة لها حسابا أما في بلادنا الإسلامية فنرجعها إلى القضاء والقدر وهو في الحقيقة تقصير منا. عدم الفهم للدين إلى ذلك، شدد أمين عام رابطة الجامعات الإسلامية الدكتور جعفر عبدالسلام علي، على ضرورة تطبيق ما حث عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله، مؤكدا أن الجهل والفقر والتخلف والفوضى والإرهاب ظواهر ناتجة عن عدم الفهم الحقيقي للدين وعدم العلم، مضيفا «كلما قويت الأمة في العلم قضت على هذه الظواهر؛ فالجهل رأس المصائب كلها، فإن لم تحد منه لن تستطيع أن تبني المجتمع على أسس علمية وإيمانية سليمة».