الذين أشرفوا على الهلاك في تدافع مزدلفة لا يهمهم من هي الجهة المسؤولة والتي أوشكوا أن يدفعوا حياتهم ثمنا للخطأ الذي ارتكبته. لا يعنيهم أن يكون ما حدث خطأ غير مقصود أو إهمالا وتسيبا أو فسادا تمثل في بيع حجاج غير نظاميين تذاكر للقطار. الذين أشرفوا على الهلاك يعرفون أن تأخر تفويجهم من عرفات أربع أو خمس ساعات أدى إلى تصادم جموع الواصلين متأخرين إلى مزدلفة مع جموع المغادرين لها قرب محطة القطار وهذا يعني عدم وجود خطط بديلة تعيد جدولة التفويج وفق المتغيرات فتحول دون هذا التداخل. والذين أشرفوا على الهلاك يعرفون أنهم تعثروا فور هبوطهم من القطار بأجساد وأمتعة المفترشين بدءا من رصيف المحطة وانتهاء بالشوارع الرابطة بين المحطة والقطارات، وهذا يعني أن الجهات المسؤولة عن منع الافتراش تتحمل جزءا من المسؤولية حين تركت مئات الآلاف يفترشون محطة القطار والطرق المؤدية إليها. والذين أوشكوا على الهلاك يعرفون أن المسألة ليست مسألة تذاكر نظامية أو تذاكر مباعة لحجاج غير نظاميين إذ لم يكن أحد بحاجة لتذكرة كي يستخدم القطار فالبوابات مفتوحة لكل من أراد العبور دون حاجة إلى تذكرة وكانت نتيجة ذلك أن تحولت عربات القطار إلى علب ساردين كاد يموت فيها الحجاج اختناقا قبل أن يوشكوا على الهلاك نتيجة التدافع.