رغم كون الحج شعيرة تعبدية يتوخى خلالها المسلمون الحصول على القبول والرضا من الله عز وجل، إلا أنه أيضا ينطوي على منافع دنيوية إيجابية متعددة لجميع الأطراف، حيث يعتبر قطاع الحج صناعة متكاملة تتطلب استثمارات، وتتضمن إنفاقا، وتحقق عوائد، وتوفر فرص عمل متزايدة. وبينما تتم فعاليات الحج في زمن معين، و بقعة جغرافية معينة محدودة المساحة، فإن المنافع الإيجابية تتعدى حدود المكان والزمان. فلا يتوقف الأثر الاقتصادي عند انعكاسات ارتفاع الطلب على السلع والخدمات، بل هناك آثار متعددة ومتكررة على العديد من المؤشرات الاقتصادية في أسواق العمل والمال والنقد وغيرها. بجانب منافع سياسية ونفسية ناجمة عن شعور المسلمين بوحدتهم، والعناصر التي تجمعهم مما يعيد بعض الثقة في إمكانية إصلاح علاقاتهم ببعضهم، واسترجاع التعاون والتلاحم الإيجابي، والتخلص من العناصر التي تفرقهم في عالم أصبح يرتكز على مفهوم تبادل المصالح بدلا عن توازن القوى. وبحساب نسبة البالغين القادرين عقليا وجسديا من إجمالي 1،3 مليار مسلم فإن عدد من تجب عليهم فريضة الحج في العالم الإسلامي لا يقل عن600 مليون مسلم خلال عشر سنوات مثلا. إلا أن الأوضاع الاقتصادية، ومؤشر الفقر في دول العالم الإسلامي تحصر القادرين على تحقيق شرط الاستطاعة في أقل من ثلثهم. ولهذا ستحفز الرغبة في الحج المسلمين في العديد من الدول على تنمية المدخرات لدعم الاستطاعة والتي ستفيد الاقتصاد إذا وجدت طريقها إلى قنوات الاستثمار عبر الصناديق. وكذلك تتحقق منافع أخرى إذا نجحت وسائل التوعية والإرشاد في توضيح المعاني والشروط الحقيقية لضمان طهارة الأموال التي ستنفق خلال فعاليات الحج؛ بحيث يحرص الحجاج عن الابتعاد عن سبل الفساد، بل إعادة الحقوق لأصحابها مثلها مثل الديون. وعلى المستوى المحلي يحفز الحج زيادة معدل الإنفاق الحكوميعلى تطوير البنية الأساسية، وإنشاء وتوسيع الطرق والكباري والأنفاق والمطارات والموانئ، بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات الخاصة في القطاعات التي يتجه لها الإنفاق الكلي للحجاج منذ تركهم ديارهم إلى حين عودتهم مثل المواصلات والإسكان والغذاء وبقية السلع والخدمات الاستهلاكية، وبشكل عام لا يمكن حصر كل المنافع؛ وذلك بسبب التداخل والتكامل الرأسي والأفقي لكل الأسواق الاقتصادية.