مع خيوط الفجر الجميل أكتب مقالي المعنون أعلاه، وأنا على بعد خطوات قليلة من أعظم مسجد في الإسلام؛ وكأن الزمان، والمكان، اتفقا في حقي؛ لأكتب عن أحد أركان الإسلام الخمسة، وعبادة تجمع بين جانبين مهمين، أحدهما: بدني، والآخر: مادي لتصبح فريضة الحج في نهاية المطاف، مشروطة بشرط الاستطاعة، بدليل قول الله - تبارك وتعالى-: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }، فكل من تحققت فيه معاني الاستطاعة لزمه المبادرة لأداء هذه الفريضة العظيمة. إذا كان الحج، يجب بعد تحقق شرط الاستطاعة في عام حصولها، ولا يجوز تأخيره عنها من دون عذر، فإن تحقق الاستطاعة على القول الراجح لا يكون إلا بالزاد، والراحلة. ومن أوصاف تحقق الاستطاعة الواجبة التي يجب بها الحج: أن يكونا فاضلين عن نفقة من تلزمه نفقتهم مدة - ذهابه وإيابه -، وأن يكونا فاضلين عن مسكنه اللائق به، المستغرق لحاجته، وعن قضاء ديونه التي عليه. عند التأمل في شرط الاستطاعة لأداء فريضة الحج في عصرنا الحاضر، وما لامسها من تداخل في مقتضيات الحياة المعاصرة، فإن أمورا كثيرة استجدت تستوجب من علماء الأمة مزيدا من التكييف الفقهي لها، بشرط عدم المساس بالكليات الكبرى، التي تعد مناطا لمقاصد الشريعة الإسلامية، ومن ذلك على سبيل المثال: حج المرأة، والمريض في ضوء الواقع المعاصر، والتيسيرات على المرأة في الحج، وحج كبار السن، والصغار، وذوي الاحتياجات الخاصة، ودراسة واقع تلك الحالات، وأحكامها في ضوء المقاصد الشرعية، والواقع المعاصر، - إضافة - إلى حق القائمين على مصالح الحجاج، وأحكام الدماء في الحج، وطرق أدائها - قديماً وحديثاً -، ومدى انسجامها مع مقاصد الشريعة. ومثله، موضوع الطواف بالبيت الحرام، وأداء سننه عند ازدحام المطاف بالحجيج، وكثرة أعداد المسلمين، ومدى إمكانية أداء الحج نقلاً بعد أداء الفريضة، والزحام، وأثره في أحكام النسك، وإدارة الحشود في الحج، واندراج توفر الأمن ضمن مفهوم الاستطاعة في الحج، والأحوال الأمنية، وعلاقتها بالمقاصد الشرعية، وتأصيل الاستطاعة في ضوء مقاصد الشريعة، وأثرها على الأحكام، والمفهوم الاجتماعي للاستطاعة، وأثرها على الحجيج، والمفهوم الطبي للاستطاعة في الحج، وأثاره الصحية على الحاج، وعصرية الدعوة، والتحفيز الذاتي؛ لخدمة الدعوة. ومن البحوث المتعلقة بالاستطاعة بالحج، مسألة إحرام الحجاج بالطائرة عند محاذاة المواقيت المكانية، والأنظمة في الحج، والالتزام بها في نظر الشرع، ومقاصده، كتصريح الحج، ومنع الافتراش، وصلاة الحجيج في المسجد الحرام، والسعة المكانية، وعلاقتها بالمقاصد الشرعية، والواقع المعاصر. إن تأصيل الاستطاعة في ضوء مقاصد شرعية، ومفهوم الاستطاعة في الحج، وتعزيز التكافل، والتكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامي، سيسهل على الحجاج أداء فرائضهم، وسيحفظهم من كل أنواع الضياع، وأشكال التلف، وسيحميهم من خطورة الازدحام، ومشقة التدافع ؛ ليتحقق لهم أداء الواجبات في أمن، واطمئنان. [email protected]