لن أتطرق إلى المنجزات المادية المهمة التي ذكرها الدكتور هاشم عبده هاشم في مقاله يوم الأربعاء 8 من ذي الحجة «من يغير ثقافة الحجيج» باعتبارها أسبابا واضحة تقوم بها الجهات المسؤولة عن الحج للوصول إلى التغير المنشود. غير أني أتفق مع سعادته حول أهمية الجانب الثقافي المفقود وهو الذي ينبغي على وزارة الحج الاهتمام به بصورة أكبر لكي تتضافر الجهود لإنجاح موسم الحج والوصول به إلى مستوى يليق بهذا الحدث العالمي الكبير. المهم في رأيي أن تعمل وزارة الحج على التغيير المنشود بصورة منظمة ودائمة طوال العام بدلا من الاقتصار على التوعية المؤقتة في موسم الحج فقط. من المهم أيضا الإشارة إلى جهود وزارة الحج الثقافية في توعية الحجاج والتي تبلورت بصورة جدية في ندوة الحج الكبرى لهذا العام والتي جاءت كحدث استثنائي على مستوى المحتوى والمحاور التي تناولتها الندوة باعتبارها من الأحداث المهمة في أسبوع استقبال الحج والحجاج. كان عنوان الندوة «الحج عبادة وسلوك»، لافتا بالإضافة إلى محاورها وأوراقها التي ركزت على قضايا عصرية معاشة مثل طرق استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في توجيه وإرشاد الحجاج. إلا أن الموقع الالكتروني للندوة غير مكتمل فهو بالنسخة العربية فقط أما النسخة الانجليزية فلا تعمل. وغير خافٍ أن نسبة كبيرة من الحجاج لا يجيدون القراءة باللغة العربية ولا الانجليزية فحبذا لو كان للموقع نسخ بلغات مختلفة وفقا للغات الحجاج كما هو معمول به في وزارة الثقافة والإعلام من بث برامج موجهة بلغات الحجاج المختلفة. من المهم أيضا أن يكون للندوة ولوزارة الحج موقع خاص يظل مفعلا طوال العام ويوجه للحجاج ممن لا يجيدون العربية في بلدان العالم الإسلامي. كما أقترح أن يربط الموقع بمواقع سفارات المملكة في تلك الدول حتى يتسنى للحجاج القادمين الاطلاع عليه وطرح أسئلتهم واستفساراتهم قبل القدوم للحج. لا شك أن الجوانب المادية والتسهيلات التي تقدمها الجهات المشاركة في تنظيم الحج كل عام هي أساس لنجاح الموسم ولكن تظل الحاجة ماسة لأن نتعامل مع الحجيج باختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية بشكل يتناسب مع هذه الخلفيات. فمن المعروف أن معظم الحجيج يأتون من طبقات اقتصادية أقل من المتوسطة ويمثلون شرائح عمرية متقدمة تحتاج لرعاية وتسهيلات خاصة كما أن نسبة كثيرة منهم لا تتقن العربية ولا الانجليزية ولذلك فإن تفعيل ما طرح في ندوة الحج الكبرى من اقتراحات جيدة لاستخدام وسائل التقنية في توجيه الحجاج وإرشادهم بلغاتهم ممكن أن يمثل خطوة متقدمة في التغير الثقافي. وكما جاء في ورقة الدكتورة نجاح القبلان في ندوة هذا العام «الحج وشبكات التواصل الاجتماعي» ، هناك عدة رؤى ومفاهيم يمكن استثمارها لخدمة فريضة الحج وحجاج بيت الله الحرام ينتج عنها تثقيف ووعي ديني وتواصل اجتماعي وتطوير للمحتوى العربي والمحتوى الرقمي الأجنبي بلغات مختلفة حول الحج. كما أنه وفقا لما قدمته الباحثة فاطمة عبد الحميد في ورقتها حول طرق استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في توجيه وإرشاد الحجاج، فإنه من الممكن استثمار تقنيات التواصل الاجتماعي والتقنيات المتحركة كأجهزة وشرائح التتبع التي يمكن تغذيتها بمعطيات الحجاج من جواز سفر وموجز عن الحالة الصحية والعمر وفصيلة الدم وأرقام الهواتف والعنوان في مكة ومنى وعرفات بالإضافة إلى أن أرقام الهواتف في بلد الحاج الأصلي تساهم في تجاوز العديد من مشكلات الحجاج.. إن رفع المستوى الحضاري لمناسك الحج لا يتحقق إلا بتضافر وسائل الإعلام والتقنية من تلفزيون ومذياع وصحف ومجلات وأشرطة وندوات وانترنت للوصول إلى حج نموذجي بإذن الله.. وكل حج وأنتم بخير.