الوطن العربي، لم تعد في السنتين الأخيرتين، أعياده بذات بهجة ومسرة لتحتفي الشعوب بأعيادها، منها ما كان أعز وأكرم، هما عيدا رمضان والأضحى المباركان، ومنها بقية الأعياد المبتدعة طوال العام، وهي التي نسمع ونشاهد البعض منها عبر طقوسها الاحتفالية لديهم. فما يحصل الآن في بعض بلدان عربية، من كوارث إنسانية مدمرة، أكلت في عنفوانها الأخضر واليابس، بسبب قيام الثورات العربية التي تحولت من ربيع لخريف، حينما قوبلت من حكام طغاة بشراسة الفتك من قتل واعتقال وتشريد لمواطنيها، لا مثيل له في تاريخ الوطن العربي، وقد تجاوز في مداه الإجرامي حربي سراييفو وراوندا، الشهيرتين بالتطهير العرقي، بمثل ما يفعله حاليا الطاغية السوري بشار من تطهير عرقي، إنه لأشد وأنكأ ضراوة منهما، فمازالت الحرب دائرة رحاها، وقد تبنتها علانية الملالية الفارسية والروسية. الفاشية، تحت المظلة الغربيةالأمريكية الخائبة، وضعف هوان الأمة العربية والإسلامية الغائبة، حينما لا يجدي التنديد والوعيد نفعا ولا يطعم خبزا. فأي بهجة ومسرة للاحتفاء بمراسم أيام أعياد، بهذه الشعوب العربية، المنكوبة بتداعيات الأحداث الدامية، المهلكة للبشر والشجر والحجر، ناهيك عن إعمال شغب وسرقة وسطو، لهشاشة الأمن في بعض هذه الدول التي أزاحت عن كواهلها طغاتها، مما جعل الكثير من مواطني هذه الدول أن يسلكوا مسلك الالتزام ببيوتهم مخافة التعدي عليهم من البلطجية الشوارعية المنفلتة. فما بالكم بتجمعات اجتماعية للاحتفاء بيوم عيد. المصحوب بالتوجس والقلق، مخافة أن يحدث مالم يحمد عقباه. هذه ليست نظرة تشاؤميه، ولكنه الواقع المرير في هذه الدول العربية التي تفتقد لعنصر الأمان نتيجة ما يحدث فيها. فهاهي سوريا في عين الحدث الدامي، فالشوارع والبيوت والحدائق، مخضبة بالدم المراق بأعمال النظام الشرير وأعوانه الأشرار الذين لم يبقوا طفلا أو كهلا أو امرأة إلا وتم قتلهم، فمن سيحتفي بالعيد في عاصمة بني أميه!؟.. إنه النظام الذي يحاول أن يبقيها عاصمة أسدية فارسية، فهم ممن سيحتفون بالعيد على تلال الجماجم، في غياب الشرعية الدولية المجحفة التي منحت الصربي السوري الكثير من الوقت لقتل الشعب السوري. فالأحزان دفينة القلوب، والمآقي ذارفة الدموع لافتقاد الأهل والصحب، وتلك الأحوال البائسة التي لا تسر رؤيتها عين مسلم عربي يرى إخوة له يقتلون غيلة، فما هناك بيت إلا ونحروا رجاله ونساءه، وترملت نساء أخريات بالآلاف وتيتم أطفال كثيرون، والبعض منهم ينتظر مصيره المجهول.. فأي عيد يكونون به سعداء؟، ولكن سيكون عيدهم الكبير قريبا وهو الإمساك برقبة ورقاب الجلاد وأعوانه، وتقديمهم للعدالة للاقتصاص منهم، أما اليوم فليس هناك عيد لهم، وكأن لسان حالهم يقول بمثل ما قال المتنبي: «عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم بأمر فيك تجديد».