بعد عام وثلاثة أشهر على انفصال شمال السودان عن جنوبه ليتحولا لدولتين منفصلتين، توحد السودانيون مرة أخرى وفي بقعة واحدة بعدما جمعتهم خيام متقاربة في مشعر منى حيث قضوا سويا يوم التروية. وكسرت مناسك الحج حاجز الانفصال الذي أقرته الدولتان بعد الاتفاق النهائي على استقلال جنوب السودان في التاسع من يوليو 2011 من العام الماضي، بعدما حرص عدد من حجاج الدولتين على الالتقاء في نقطة واحدة وتبادل الأحاديث الودية، وتذكر الأيام التي كان لا يفصلهما سوى سور واحد قبل أن يفصلهما جدار حدودي يبعد كلاهما عن الآخر مئات الكيلومترات، فيما توحدوا في منى على مسافة تقاس بمئات الأمتار، بعدما انضم حجاج شمال السودان لخدمات حجاج الدول العربية، فيما كان حجاج جنوب السودان منضمين لمخيمات الدول الأفريقية غير العربية. وانتهز الحاج طيب عبدالرحيم من شمال السودان الفرصة للتعبير عن رأيه الذي لم يكن يؤخذ به في قرار الانفصال والذي أعطى حق التصويت لشقيقه الجنوبي، وقال: «نكن لهم كل تقدير، وإذا أتيحت لنا الفرصة في التصويت لاخترنا الوحدة لكن ماذا نفعل غير التوحد في هذه البقاع الطاهرة، قبل أن نعود مجددا لما وراء الأسوار العالية التي تسمى بالحدود». لكن الحاج صلاح مهدي من حجاج جنوب السودان هو الآخر لا يرى أن رؤية الانفصال كانت من قناعته، وقال: «صوت للوحدة، لكنها إرادة الأغلبية الجنوبيين، والتزمنا بالرغبة، ونحمد الله أن جمعنا مرة أخرى على هذا الصعيد الطاهر وإن كانت المخيمات غير متلاصقة، حيث كل دولة باتت تنتمي لجهة أخرى». واعتبر الدكتور الطاهر بيلا من جنوب السودان أن الخاسر الحقيقي من الانفصال هو الشعب، وقال: «لن أقول جنوبي وشمالي لأننا شعب واحد خاصة وأن نسبة كبيرة من الجنوبيين خدعوا بالوعود التي يسمعونها من الخارج، ولكنهم سرعان ما اكتشفوا زيفها لأنهم غير مستفدين من هذا الانفصال». وأوضح الحاج أحمد علي من شمال السودان أنه من فضل الله على الناس في الحج هو توحيد وتجميع شعوب العالم في مكان واحد، ومن هذه الشعوب شعبي السودان، ليبقي الإسلام الموحد للجميع بعيدا عن الهويات والانتماءات والأعراق، وإن كان أملنا أن نبقى في هذه المشاعر الطاهرة لأنها رمز الوحدة الحقيقي. يذكر أن منظمة المؤتمر الاسلامي خفضت عدد حجاج شمال السودان من 36 ألف إلى 32 ألف حاج، وأعطت حصة مكونة من 4 آلاف حاج إلى جنوب السودان، حيث وصل لأداء فريضة الحج من الجنوب ما يقارب من ألف حاج.