يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: «الذميم يرى في الجمال تحديا له، والغبي يرى في الذكاء عدوانا عليه، والفاشل يرى في النجاح إزراء به»، ولأننا في زمن صار فيه طريق الوصول إلى النجاح محفوفا بصعوبات مضاعفة، ومتطلبا اجتهادا ومثابرة لا يقوى عليها الكسالى والخاملون والمتخاذلون، فليس من الغريب أن نلاحظ نشاطا واسعا لهم في الموهبة اليتيمة التي لا يمتلكون سواها، وهي محاولة تخريب نجاح الناجحين، وإن لم يكن؛ فليس أقل من محاولات حرمان الناجح من لذة نجاحه بمخططات هشة يعتمد أكثرها على سلاحهم الأزلي الفقير: اللسان المنقوع في سم الغيبة، والبهتان، والبذاءة. ولو أنهم أنفقوا الوقت الذي يبذرونه على محاولات عرقلة نجاح الآخرين والوقوف في طريق تقدمهم في العمل باجتهاد أكبر لبناء ذواتهم، والصبر على غرس بذور الموهبة في أرض المثابرة؛ لكان لهم من حقول إنجازاتهم المستقبلية شغلا شاغلا عن الالتفات لخطوات الآخرين والابتلاء بالرغبات غير المشروعة في قمع مسيرتها.. قد تكون الغيرة الداخلية من نجاح شخص آخر مرضا ينخر أحاسيس حامله وخلايا روحه، لكن هذا المرض يتحول إلى سلوك إجرامي يستحق علاجا ومكافحة إذا انتقل من حيز «الشعور الداخلي» الذي يحرق كيان صاحبه، إلى حيز «التنفيذ الخارجي» بإحباط الآخرين أو نشر الشائعات الكاذبة المسيئة لسمعة فرد ناجح لا تزيد تلك الشائعات اسمه إلا شهرة، وحماسته إلا نشاطا، ومناعته ضد الكلمات المنقوعة في سموم الإحباط إلا قوة، وهكذا ينقلب السحر على ساحره مرتدا على أولئك الفاشلين بالخيبة، والخذلان، وتبخر الآمال الشريرة بإفساد أفراح الآخرين واحتفالاتهم المعنوية بلذة نجاحهم.