في العام 2008 تواترت الكثير من الآراء التي كانت ترى أن أسعار العقار تعيش فقاعة، لن تلبث أن تنفجر سريعا، لكن الواقع كان مغايرا تماما إذ شهد السوق طفرة إضافية من الارتفاع في أسعار الأراضي والعقارات والايجارات. ولاتزال الذاكرة تحفظ أن الأموال الهاربة من انهيار سوق الأسهم في عام 2006، كانت الوقود الذي أشعل السوق بعد فترة ركود عقاري ليست بالقصيرة. وعلى الرغم من اتفاق الغالبية على أن الارتفاعات الراهنة في العقار والإيجارات مبالغ بها بدعاوى مختلفة منها زيادة أسعار الأراضي وأجور العمالة ومختلف تجهيزات المباني من الكهرباء وأدوات السباكة وغيرها، إلا أن الموضوعية تقتضي منا جميعا النظر إلى الأمر بعمق وحياد استنادا إلى معطيات السوق. لقد شهد السوق العقاري تطورات لافتة كان من الطبيعي أن تؤدي إلى ارتفاع كلفة العقار من بينها زيادة أجور العمالة بنسبة 100 % خلال السنوات الأخيرة، وكذلك ارتفاع سعر الأسمنت والحديد وأدوات السباكة والكهرباء بنسب تتراوح بين 40 إلى 60 % وهي عوامل أساسية وراء ارتفاع التكلفة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما ساهمت من المضاربات على الأراضي في ارتفاع الأسعار والإيجارات إلى نسب لم يعد أصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة قادرين على تحملها. وفي ظل الوحدات المحدودة التي تدخل السوق سنويا في مواجهة الطلب المرتفع باتت الأسئلة مشروعة على لسان الجميع، كيف يمكن إطفاء لهيب أسعار العقارات حاليا في ظل الدعم الكبير الذي يحظى به القطاع من جانب الدولة ممثلة في وزارة الإسكان والصندوق العقاري بخياراته الجديدة في التمويل. إن ثمة واقع ينبغي الاعتراف به وهو بطء المعالجة الراهنة للمشكلة العقارية من جذورها، على الرغم من إمكانية التحرك سريعا مستفيدين من التمويل المتوفر للوحدات السكنية الحكومية، وإمكانية استقطاب شركات أجنبية ذات خبرات عالية في بناء المدن السكنية التي تستوعب آلاف المواطنين بعد أن تبين أن هذا الأسلوب يؤدي إلى خفض التكلفة بصورة ملموسة. أما الأمر الثاني الذي ينبغي إعادة النظر فيه هو التطوير العقاري الذي لم يحقق التوقعات منه، وفي اعتقادي أن الدولة ينبغي أن يكون لها دور أكبر في المرحلة المقبلة بعد أن تعثرت تجربة معظم شركات القطاع الخاص في التطوير العقاري لإنشغالها في تجارة الأراضي على حساب ضخ وحدات سكنية جديدة لسد العجز بالسوق. رئيس طائفة العقار بجدة