موقع اليمن الجغرافي، إن تم توظيفه بتقنيات عالية الجودة فإنه يشكل القوة الأكثر فاعلية الذي سيساعد اليمن في التحول إلى طاقة متحركة قادرة على استثمار مواردها الأخرى، وهذا الأمر يتطلب تحديد حلفائها بوضوح تام، فالتشتت والتخبط الذي اتسمت به سياستها الخارجية أوقعها لأكثر من مرة في فخاخ غبية أضرت بمصالح الشعب، ويلعب الصراع الداخلي دورا مضرا في تبلد الاستراتيجية الخارجية حيث تتم قراءة السياسة الخارجية اليمنية وفق مصالح النخب. بمنطق الجغرافيا السياسية لا يمكن لليمن أن يفعل من وجوده إلا بشراكة قوية وعميقة مع دول الخليج، فالتكامل معها سيبعث روح القوة اليمنية ويمكنها من تفكيك صراعاته الداخلية، لأن التحرك وفق توجهات خارجية متناقضة مع قدره الجغرافي ولد صراعات داخلية بين تكويناته وأسهم في تقوية النخب، من جانب آخر فإن فتح أفق لعلاقات عميقة مع الغرب بجناحيه الأوروبي والأمريكي خيار منسجم مع المصالح الوطنية فالغرب يدرك أن مصالحه مع اليمن لا يمكن تحقيقها إلا عبر استراتيجية متوائمة مع دول الخليج. فيما يخص روسيا والصين فإنهما تبحثان عن وجود لهما في اليمن لكنهما لن يتمكنا من منافسة الغرب والخليج لذا فإن مراهنة بعض الأطراف الداخلية على ربط اليمن بروسيا والصين وتبني موقف عدائي مع بعض قوى الغرب والإقليم يحاصر المصالح اليمنية ويعبر عن نزوع انتهازي في ظل تحولات قلقة ويعطي مؤشرا على الجمود الذي تعاني منه تلك القوى، ويسند هذا الاتجاه القوى الطائفية المرتبطة بإيران والتي لها رغبة جامحة في تحويل اليمن إلى كيان مرتبك ممتلئ بالفوضى. منطق الجغرافيا السياسية اليمنية ينطق بالفصيح أن بناء تحالف قوي وعميق مع الخليج والغرب خيار حاسم وأي سياسة عامة أو ضغوط من قوى داخلية تتعارض معه يمثل تحديا لأمن اليمن القومي وهذا التحالف يسند علاقة اليمن الإيجابية مع المحاور الاخرى، ويجعلها أكثر انسجاما مع نفسها.