اغتيل العميد وسام الحسن قائد فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي في عملية تفجير سيارة مفخخة في حي الأشرفية شرقي بيروت، ما وجه ضربة قوية للقوى الأمنية اللبنانية ولعوامل الاستقرار في لبنان، وأعاد ذكريات الاغتيال والتفجير ما بين عامي 2004 و2008، حيث سقط سياسيون وإعلاميون وعسكريون وأمنيون في مسلسل متواتر لم يتوقف إلا بعد اتفاق الدوحة بين الموالاة والمعارضة آنذاك. فهل هذا الاغتيال إعلان واضح بعودة معالم تلك المرحلة بعد سقوط بنود الدوحة وتداعي الوفاق السياسي؟ وما هي أبعاد الاغتيال لبنانيا وإقليميا؟ إن اغتيال الحسن ليس كأي اغتيال سابق، بل هو أشبه من حيث آثاره المدمرة باغتيال رفيق الحريري، رغم التفاوت الكبير بين الرجلين من حيث الموقع والمكانة. فكما تحول الحريري قبل اغتياله وبعده إلى رمز عام وخاص، فكذلك اللواء وسام الحسن، أي رمز لسيادة القانون والدولة، بحيث تكون الآثار شاملة بهذا المعنى، فلا ينحصر الرد الانفعالي بموقع الرجل في عالم السياسة أو الأمن بل يتخطاه إلى ما يرمز إليه في وجدان الناس وهذا الفريق تحديدا. وعليه، يمكن الانتقال إلى تشخيص الجهة الفاعلة والأهداف المرسومة، إذ هي الجهة التي تريد تقويض أسس الدولة القائمة على الوفاق الوطني طبقا لاتفاق الطائف، والهدف الظرفي هو تهديد الأطراف والدول الداعمة للشعب السوري بمد موجة الاقتتال والدمار إلى لبنان إن لم يتوقف دعم المعارضة السورية تمويلا وتسليحا، بحيث يأمن الرئيس السوري بشار على موقعه في الدولة المتهاوية، وعلى أن يجري تعويمه وفق الخطة المطروحة الآن وهي إجراء انتخابات عامة ورئاسية في سوريا بين أنقاض المدن ووسط الحرائق، وتحت هيمنة الأجهزة الأمنية التي قتلت وخطفت وعذبت مئات آلاف السوريين في فترة قياسية، فلن تكون النتيجة إذا إلا إعادة النظام نفسه على الطريقة اللبنانية مع بعض التجميل الشكلي أي لا غالب ولا مغلوب. وإلا فإن ما ينتظر لبنان هو عين ما تشهده سوريا، أي تنفيذ وعيد الأسد بحرق المنطقة بأسرها إن لم تخمد الثورة السورية بالتي هي أحسن. وإن كان المجتمع الدولي لا يعبأ كثيرا بخراب سوريا، فلا بد أن يهتم لمصير لبنان وكذلك لمصائر دول الجوار، ولن يقبل أحد بانزلاق المنطقة كلها في فوضى عارمة مما يؤدي إلى ضياع المصالح الاستراتيجية والحيوية للاقتصاد العالمي. أي باختصار، إن للاغتيال أبعاده الإقليمية والدولية الأكثر حساسية من البعد المحلي المحدود، رغم التداعيات الخطيرة على المشهد السياسي اللبناني، كما أن الآثار السياسية والأمنية ستصب مباشرة في المشهد السوري والإقليمي ما دامت المعارضة اللبنانية قد قررت المضي حتى النهاية في العصيان المدني إلى حين سقوط الحكومة الحالية والتي يهمين حزب الله على قرارها، ما يعني سقوط المعادلة اللبنانية المشهورة في حل الخلافات.