منذ أن لاحت اليابسة السعودية أمام ناظري الحاج السوداني عبدالرحمن شاشينا رفع صوته بالتكبير والتهليل، وكأنه ينبه من حوله بأن حلم أداء فريضة الحج لم يتبق عليه إلا النزول من الباخرة في ميناء جدة الإسلامي، بعد يومين من المغادرة من ميناء سواكن شرقي السودان. عبدالرحمن والذي قرر أن يؤدي الحج بعد أن بلغ الأربعين من عمره قضاها بالكامل في مسقط رأسه في بورسودان، كان على رأس قائمة من استقر بهم المطاف في مدينة حجاج البحر في جنوبجدة، والتي خصصت لسكناهم حتى موعد انتقالهم إلى المشاعر المقدسة خلال اليومين القادمين. يقول شاشينا والذي التقته «عكاظ» في مستوصف مدينة حجاج البحر: حضرت مع الدفعة الأولى التي وصلت مطلع شهر ذي القعدة ووجدنا الموقع مناسبا للسكن والتواجد حتى موعد تجهيز مخيماتنا بالتنسيق مع المطوفين المسؤولين عن تلك التجهيزات. ويمتدح شاشينا مدينة حجاج البحر ويقول: هنا تشعر بأن المتواجدين جميعهم ممن قدموا حبا في الله، تاركين وراءهم كل ملذات الدنيا، فترى الابتسامة هي التي تطغى على ملامح الوجوه، والسكينة تتوزع بين القلوب حتى تشعر بأنك في الجنة. في داخل المدينة يتواجد العديد من الوزارات المهتمة بسلامة وصحة الحجيج والمقدرة أعدادهم حتى الآن ب 16 ألف حاج، حيث تفتح المدينة أبوابها أول يوم من أيام شهر ذي الحجة وتستمر حتى خروج آخر حاج إلى بلادهم وعادة لا يتجاوز منتصف شهر محرم. ويمثل مستوصف مدينة حجاج البحر محورا رئيسيا للاهتمام بالحجيج حيث تم تجهيز 50 طبيبا وفنيا وإداريا لمتابعة الحالة الصحية لهم. ويقول موسى الزهراني مدير المستوصف: نعمل على مدار الأربعة والعشرين ساعة في كافة أيام الأسبوع لتقديم الخدمات الصحية لحجاج البحر، حيث راجع المركز خلال أقل من شهر 1500 حاج تنوعت مشاكلهم الصحية بين أعراض الأنفلونزا والشيخوخة والأمراض المزمنة ولم نحول لمستشفى الملك عبدالعزيز إلا ثلاث حالات فقط بسبب الكسور نتيجة السقوط المفاجئ. وأضاف: يعمل منسوبو المستوصف بشكل مستمر على أخذ عينات للخزانات لفحصها بكتروجيا وللتأكد من صلاحيتها للشرب حيث لم يثبت أي تلوث حتى الآن. ويكشف الزهراني بعد أن سمح لشاشينا بالدخول للقاء الطبيب: الجميع ممتن لما تقدم المملكة من خدمات جليلة للحجاج ونحرص على معاملتهم كضيوف أعزاء علينا حتى عودتهم إلى بلادهم.