هل يخطر ببالك أن تقشير السمك كان مهنة لها شيخ ينتخب بالاقتراع السري تحت إشراف البلدية؟!، وهل يخطر ببالك أن النساء في بلادنا كان لهن في يوم من الأيام اتحاد يعرف باسم (الاتحاد النسائي العربي السعودي) ونادٍ ثقافي خاص بهن يعرف باسم (نادي فتيات الجزيرة الثقافي)؟!. مثل هذه الحقائق التاريخية المغفلة ستجدها مدونة في كتاب (بوادر المجتمع المدني في المملكة العربية السعودية)، حيث يقوم مؤلفه الأستاذ محمد عبدالرزاق القشعمي بالتأريخ لنشأة مؤسسات المجتمع المدني في المملكة، وهو عمل أصيل لم يسبقه إليه أحد بشهادة استاذنا الدكتور مرزوق بن تنباك، الذي قال عن الكتاب في تقديمه له: «هذا الكتاب الذي يؤرخ لنشأة مؤسسات المجتمع المدني في المملكة عمل غير مسبوق في تتبعه للبدايات الأولى لنشاط المؤسسات الأهلية التي بدأت مع بداية الدولة». ولوجه الحق فإن كتابات الأستاذ محمد القشعمي تتسم معظمها بالابتكار والجدة في اختيار المواضيع التي يؤلف فيها مثل كتاب (إهداءات الكتب)، وكتاب ( الأسماء المستعارة للكتاب السعوديين) فهذه الكتب تكاد تكون فريدة في فكرتها التي تقدمها للقارئ ، وهو ما يجعلها صالحة لأن تكون مرجعا علميا في موضوعاتها. وحرص الأستاذ القشعمي على تتبع المغفل والمسكوت عنه في تاريخ المجتمع السعودي ليكتب فيه، يجعلنا نقول عنه مثلما قال غازي القصيبي رحمه الله عن كاتب غيره : «اتجه إلى (تاريخ ما أهمله التاريخ)» !!. وتعبير (المجتمع المدني) الذي يؤرخ الكتاب لظهور بوادره في المملكة، هو من المصطلحات الجديدة الطارئة على ثقافتنا المحلية، هو مصطلح يراد به ما ينشأ في المجتمع من مؤسسات أو هيئات أو جمعيات غير حكومية تهدف إلى خدمة المصالح العامة للمجتمع وأفراده في مجالات متعددة ومتنوعة وغالبا يكون نشاطها قائما على التطوع.. أما الكتاب فيتضمن عرضا تاريخيا لبعض ما كان موجودا من أشكال المجتمع المدني وما كان يمارس فيها من الترشيح والانتخاب مثل النقابات والروابط والمشيخات والمجالس البلدية والجمعيات الخيرية ومجلس الشورى والغرف التجارية وذلك منذ ظهور البدايات الأولى للعمل بالانتخابات في المملكة عام 1343ه وهو العام الذي يراه المؤلف يشكل حجر الأساس في بداية العمل بنظام الانتخابات في المملكة العربية السعودية مستشهدا بما يحفظه التاريخ من أن الملك عبدالعزيز التقى «بعلماء البلد الحرام للتشاور في الشكل الذي ينبغي لإدارة البلاد (...) وقال لهم: أريد منكم أن تعينوا وقتا يجتمع فيه نخبة العلماء ونخبة الأعيان ونخبة التجار جميعا وينتخب كل صنف من هؤلاء عددا معينا كما ترضون وتقررون (...) ثم هؤلاء يستلمون زمام الأمور» .. أخيرا، فإن الأستاذ القشعمي يستحق الشكر والتقدير على عمله هذا الذي كرسه للتنقيب عن كل ما هو مطمور من تاريخنا الاجتماعي. فاكس: 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة