«كيف تعرف مخالفة الغياب وتجهل عدم مشروعية الاشتغال بالتجارة؟».. هذا السؤال وجهه رئيس الدائرة الجزائية الثالثة في المحكمة الإدارية بجدة الشيخ الدكتور سعد المالكي لرئيس بلدية فرعية يحاكم على خلفية كارثة سيول جدة في جلسة الأمس، بعدما أجاب بعدم علمه بأن النظام يمنع الموظف من الاشتغال بالتجارة، فيما أقر بأن الغياب يعتبر مخالفة يُعاقب عليها النظام. وأوضح رئيس البلدية الفرعية لدى مثوله في جلسة أمس، أنه اعترف باتهامات ادعى أنها غير صحيحة، حتى يتخلص من ضغط التحقيقات التي شهدها أبان توقيفه، وقال:«كنت تحت الضغط والإكراه، ولا بد أن أقول أي شيء وأي أمر حتى أخرج من التوقيف». وعندما سأله رئيس الدائرة الثالثة عن كيفية الإدلاء بتلك الاعترافات والتي جاءت متسلسلة ودقيقة - ما يشير إلى أنه ارتكبها بالفعل - أكد المتهم أن خبرته في مجال عمله أكسبته الكثير من المعلومات والمعارف التي جعلته يدلي بما أدلى به من اعترافات أكد أنها غير صحيحة. وسأله ناظر القضية عن أسباب اعتراف أحد أطراف القضية وكان يعمل معه في ذات المنطقة التي عمل بها واتهمه بالمشاركة معه في شراء عدة أراضي بلا صكوك، إضافة لتوظيف المتهم ابنه في إحدى البلديات. وبين رئيس البلدية المتهم أنه لا يعرف تلك الأسباب ولا يعلم نوايا هذا الشخص، مشيراً إلى أنه لم يشتر أي أراض بدون صكوك، ونفى حصوله على أرض مساحتها 150 ألف م2 بالاشتراك مع أحد الأشخاص، مشيراً الى أنه اشتراها من مال الشركة التابعة لوالده وهي تخص الورثة وقد وضعها باسمه في حينه ولا يوجد ما يمنع ذلك كونها تمت عن طريق الشراء وبطريقة صحيحة. ويواجه المتهم اتهامات باستغلال وظيفته والتربح منها بطرق غير شرعية، شراء الأراضي وإخراج الصكوك عليها دون مسوغات نظامية وُجهت إليه من هيئة الرقابة والتحقيق والتي أحالته للقضاء للنظر في تلك الاتهامات، حيث سأله ناظر القضية عن الأسباب التي دفعته للاشتغال بالتجارة رغم أنه موظف حكومي. ذلك التساؤل الذي يغلفه اتهام الاشتغال بالتجارة، نفاه المتهم مؤكدا أنه لم يشتغل بالتجارة بل كان يوقع المعاملات المالية للشركة، كونه لا يريد تسليمها للغريب، وقال:«كان هناك مدير يديرها، فيما كنت أقوم بتوقيع الشيكات والجوانب المالية فقط». وخاطبه ناظر القضية: «هذا اشتغال واضح بالتجارة وأنت موظف حكومي والآن تشير إلى أنك كنت تباشر الأمور المالية أي اشتغال بالتجارة، وهو أمر ارتكبته يخالف النظام». ورد عليه المتهم «لم تبلغنا جهة العمل أن ذلك مخالف للنظام وأنا أجهل أن الأنظمة تشير إلى ذلك»، عندها سأله ناظر القضية:«كونك موظفا على المرتبة 11 وتجهل النظام ؟ هل تعلم أن الغياب عن العمل يعد مخالفة؟» المتهم: «نعم أعلم ذلك» القاضي: «إذن كيف عرفت أنه مخالفة رغم أنك لم تُبلغ بذلك؟، هذه الأنظمة من واجبات الوظيفة والتي يجب معرفتها والاطلاع عليها من قبل كل موظف وهو من الأمور المتعارف عليها». بعد ذلك تحدث ناظر القضية مشيراً إلى وجود توكيل للمتهم من قبل شخصيات نسائية هامة، ليعترف المتهم بصحة إحداها قائلا «كان والدي وكيلا عنها إبان حياته، إلا أنه عقب مماته قامت الشخصية وبدون طلب مني أو علمي بتوكيلي وذلك لما ترتبط به مع عائلتي منذ سنين طويلة». وأنكر المتهم وجود وكالة أخرى من شخصية نسائية أخرى، ونفى شراء مزرعة له أو لأقاربه أو إحدى الشخصيات، مشيراً إلى أنه كان لا يتوقع أن يكون العمل في شركة عائلية مسموحاً به في النظام رغم أن الشركة كان لها مدير عام مستقل. عندها أعلن رئيس الدائرة الجزائية الثالثة الشيخ الدكتور سعد المالكي رفع القضية للتدارس فيها والنطق بالحكم في جلسة مقبلة حُدد موعدها نهاية شهر ذي الحجة.