أظنه سؤال يراود كل إنسان، ويعن على باله بين فينة وأخرى، لكنه في نهاية المطاف لن يستشف حقيقة الأمر، حيث إن الوجوه التي تقابله بالانبساط والانشراح قد تتلون وتكفهر في غيبته، وحينها تفصح الألسن عن حديث ينم عن مكنون الأفئدة الحقيقي حيال ذلك الشخص. وكون استراق السمع متعذرا بالنسبة لبني آدم، ستظل إحاطتهم لما يقال عنهم ضربا من الخيال. وهنا نحن نستثني وسائل وطرق التجسس والتلصص التي تستخدم لأغراض وأهداف مختلفة سواء على مستوى فردي أو مؤسسي. ليس هناك سبيل أو نهج يجعل أحدنا في مأمن من التعرض للنقد أو التقليل من الشأن، أو القدح أو التحقير. فثمة من تغلبه نزعة الحسد والحقد، فيوجه سهامه لهذا وذاك لعله يخفض أسهم ناجح أو متميز. وآخر يخيل إليه أنه تربع على قمة عالية؛ لذلك لا يتوانى في إسقاط الحجارة على كل من يحاول الصعود أو الاقتراب من مجده المزعوم. إذن الدوافع والمنطلقات التي تجعل الفرد يخوض فيما يكره أخوه أكثر من أن تحصى، وهي تندرج تحت الغيبة والنميمة التي حرمها الشرع الحكيم. ومما لابد من الإشارة إليه هو انشغال البعض بما يقوله الناس عنهم، وهذا صرف للفكر، والوقت في غير موضعه، فضلا عن انعكاسه السلبي على إنتاجية وعطاء الفرد. ولمن يركن لهواجسه المتعلقة بحديث الناس عنه نقول له: تذكر أن أنبياء الله ورسله لم يسلموا من أذية أقوامهم القولية منها والفعلية؛ لذا تلمس طريق النجاة والنجاح ولا تكترث بقول القائلين، إلا من جانب الاستفادة من نقدهم الذي يدفعك خطوة للأمام.