سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نحن بحاجة إلى تطبيق الاعتدال الحقيقي منهجاً وسلوكاً وثقافة أكد أن الملك عبدالعزيز كان يحث المظلومين على تقديم الشكاوى ولو كانت ضد أبنائه وأهل بيته.. ولي العهد في جامعة المؤسس:
أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، في محاضرته «الاعتدال في حياة الملك عبدالعزيز» البارحة بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة، أن الاعتدال منهج عظيم يحكم شؤوننا الدينية والدنيوية ويحقق المصالح العامة ويهدف إلى الخير والعطاء. ودعا ولي العهد، الشباب إلى الالتزام بمنهج الاعتدال الحقيقي بعيدا عن الانفعال، داعيا الطلاب للالتزام بالوسطية والاعتدال في كل أمورهم، موضحا أن المملكة سعت لتأصيل هذا المنهج القويم منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز (رحمه الله). وشدد الأمير سلمان على دور الأسرة في تأصيل منهج الاعتدال في نفوس الأبناء وإبعادهم عن منهج التطرف، مؤكدا أن الاعتدال يشمل جميع نواحي الحياة. واستحضر سموه بعض المواقف المضيئة التي تؤكد حرص الملك عبدالعزيز على منهج الاعتدال، مبينا أنه (رحمه الله) طبق منهج الاعتدال مقتديا بالنبي (صلى الله عليه وسلم) فكانت هذه الوحدة العظيمة التي ننعم بها، مشيرا إلى أن المؤسس لم يكن مغامرا أو مجازفا بحياة الآخرين، ممن كانوا معه أو ضده، ورغم نجاحه لم ينتقم من أحد، ولم يحقد على أحد بل اعتدل وركز على ما يحقق الرخاء، واستطاع أن يتجاوز المخاطر ويؤسس المملكة بعيدا عن الحسابات الإقليمية، وأسس دولة ليقي أفرادها شر الحروب، واعتدل في كلا الشأنين الداخلي والخارجي. وأضاف: كان الملك عبدالعزيز حريصا على الاعتدال والعدل، مستحضرا قول الملك عبدالعزيز (يرحمه الله) «على كل فرد من رعيتنا يحس أن ظلما وقع عليه أن يتقدم إلينا بالشكوى.. وعلى كل من يتقدم بالشكوى أن يبعث بها بطريق البرق، أو البريد المجاني على نفقتنا.. وعلى كل موظف بالبريد أو البرق أن يتقبل الشكاوى من رعيتنا ولو كانت موجهة ضد أولادي وأحفادي وأهل بيتي.. وليعلم كل موظف يحاول أن يثني أحد أفراد الرعية عن تقديم شكواه مهما كانت قيمتها، أو حاول التأثير عليه ليخفف لهجتها، أننا سنوقع عليه العقاب الشديد.. لا أريد في حياتي أن أسمع عن مظلوم، ولا أريد أن يحملني الله وزر أو ظلم أحد، أو عدم نجدة مظلوم، أو استخلاص حق مهضوم.. ألا قد بلغت، اللهم فاشهد». واضاف الأمير سلمان «نحن سائرون بإذن الله على هذا المنهج وسنحافظ عليه». وقال ولي العهد: لكي ندرك الاعتدال في حياة الملك عبدالعزيز علينا أن نقرأ التاريخ، مؤكدا «نحن اليوم أحوج إلى الاعتدال في ظل المعلومات المغلوطة، إذ نحن بحاجة إلى تطبيق الاعتدال الحقيقي منهجا وسلوكا». وأشار الأمير سلمان إلى أن الاعتدال مطلب شرعي نظرا لما تواجهه الأمة من اضطراب، مؤكداً أن دستور بلادنا القرآن الكريم والسنة النبوية لذا جاء اعتدال منهج المملكة معتمدا على أساس الإسلام الواضح. الأمير سلمان الذي وافق على تأسيس كرسي أبحاث الطاقة باسمه في جامعة الملك عبدالعزيز بتكلفة 6 ملايين ريال، قال في بداية المحاضرة إن الاعتدال منهج عظيم يحكم الشؤون الدينية والدنيوية، ولهذا حث عليه الله تعالى في قوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، ومستشهدا بعدة أحاديث للنبي (صلى الله عليه وسلم)، منها قوله (عليه الصلاة والسلام): (إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو). واستهل الأمير سلمان محاضرته التي قدم لها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة بحضور صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، ومدير وأعضاء هيئة التدريس وطلاب وطالبات جامعة الملك عبدالعزيز، قائلا: «يسعدني أن أكون معكم هذا المساء في رحاب جامعة غالية على نفوسنا جامعة المؤسس، جامعة الملك عبدالعزيز التي بدأت بفكرة من نخبة خيرة من أبناء الوطن من أهالي جدة كجامعة أهلية، ثم تعهدتها الدولة لتصبح من الجامعات الحكومية الرائدة ولله الحمد. وأشكر لمعالي مدير الجامعة وزملائه على دعوتي ومشاركتكم هذا اللقاء الذي أعتز به». واضاف «الاعتدال منهج عظيم يحكم شؤوننا الدينية والدنيوية ولهذا حث عليه الدين الإسلامي الحنيف في قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا). وسلكه نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه والتابعون رضوان الله عليهم. فقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (القصد القصد تبلغوا). والقصد هو الوسط بين الطرفين. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو)». واوضح ولي العهد أن الاعتدال ليس كلمة تقال، أو وصفا لموقف أو شعارا براقا يرفع، وإنما هو منهج شامل والتزام بمبدأ يحقق مصالح عامة تهدف إلى الخير والنماء. وقال إن الاعتدال يشمل جميع نواحي الحياة، فهناك اعتدال في الأكل، واعتدال في الكلام، واعتدال في التربية، واعتدال في الانفاق، واعتدال في التعامل وغير ذلك من شؤون الإنسان بصفة عامة. والملك المؤسس عبدالعزيز (رحمه الله) طبق منهج الاعتدال متبعا في ذلك نبينا محمدا عليه أفضل الصلوات والتسليم، وسيرة أسلافه، حيث اعتدل في مواقفه ورؤيته وسياساته، فكانت هذه الوحدة العظيمة التي ننعم بها جميعا اليوم ولله الحمد والمنة. واستطرد قائلا: اعتدل عبدالعزيز في إعادة تأسيس الدولة السعودية على المبادئ ذاتها التي تأسست عليها الدولة الإسلامية الأولى، والدولة السعودية الأولى، والدولة السعودية الثانية. فلم يكن مغامرا أو مجازفا بحياة الآخرين، سواء ممن كانوا معه أو أولئك الذين كانوا من خصومه. ورغم نجاحه في توحيد البلاد بتوفيق من الله ثم بمساندة رجال من أنحاء البلاد لم ينتقم أو يحقد على أحد، وإنما اعتدل ورضي بما تحقق، وشغل نفسه بما يحقق الأمن والرخاء للجميع، بل ومن تميز اعتداله (يرحمه الله) أنه استعان بهم في مناصب الدولة ومسؤولياتها وحفظ كرامتهم. واعتدل عبدالعزيز في سياسته الخارجية عندما كان محاطا بالقوى الاستعمارية التي كانت تراقبه، وتحاول منعه من إعادة تأسيس الدولة السعودية واستطاع أن يتجاوز أخطارهم، وأن يؤسس المملكة العربية السعودية بعيدا عن أي حسابات إقليمية أو نفوذ أجنبي وأن يجنب شعبه وبلاده ويلات الحروب العالمية. كما اعتدل عبدالعزيز في مواقفه من بعض مواطنيه الذين ترددوا في قبول بعض التطورات الجديدة والمفيدة لهم، فواجههم بالصبر والحلم والحكمة والعقل. عفا عن خصومه فأصبحوا من أقرب رجاله، وصبر على مخالفيه بسبب قصور في رؤيتهم تجاه المستقبل الذي هو لمصلحتهم، وحاورهم وأقنعهم. واعتدل عبدالعزيز في التزامه بالدين متأسيا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يتطرف أو يفرط، ولم يتنازل أو يتشدد. قال الملك عبدالعزيز حسب ما نشرته صحيفة أم القرى في عام 1356ه: (إن الحياة المجردة عن الدين والزاخرة بأنواع القوة ليست حياة، وإنما الحياة الدين والتمسك به، وإقامة حدود الله). ولكي ندرك حقيقة الاعتدال الذي سلكه الملك عبدالعزيز علينا أن نقرأ التاريخ لأولئك القادة الذين تطرفوا في سياساتهم وقراراتهم وهو ما عرض بلادهم لويلات الحرب والفوضى، نتيجة لنزوة فردية، أو أيديولوجية بشرية زائلة. واسترسل ولي العهد «نحن اليوم أحوج إلى الاعتدال في خضم التحولات والتيارات والمحاولات المتعددة لتغيير المفاهيم وتشويه الحقائق، والتأثير على الآخرين باستخدام معلومات ظاهرها مغر، وباطنها غير صحيح ولا ينشد المصلحة للناس. ونحن بحاجة أيضا إلى تطبيق الاعتدال الحقيقي منهجا وسلوكا وثقافة والتزاما في رؤيتنا للأشياء والحكم عليها، وعدم تغليب الانفعال والاستعجال. يقول الملك عبدالعزيز كما ورد في صحيفة أم القرى: (إنني أتألم جد الألم إذا رأيت بعض الأشخاص يشذون عن الطريق السوي، فيصغون لوساوس الشيطان، ومما لا شك فيه أن المصلحة العامة هي فوق كل مصلحة). ومصلحتنا اليوم هي مصلحتنا بالأمس؛ لأن أساسنا لم يتغير وإن تغير تفكير بعض الناس أو أسلوبهم في التعاطي مع أمور حياتهم. واعتدالنا اليوم لا يقل أهمية عن اعتدالنا بالأمس، لتزايد التحديات، وكثرة المغريات، وتخبط البعض، وتقليدهم للآخرين من خارج بيئتنا ومجتمعنا وديننا. واعتدالنا هو أيضا في الافادة من العلوم والمخترعات والتطورات الحديثة في إطار ديننا ومبادئنا وما يخدم مجتمعنا. واضاف اعتدالنا اليوم مطلب شرعي وضروري لمواجهة ما تعيشه الأمة من اضطراب وتجاهل للأسس والمبادئ كي نعزز وحدتنا وقوة بلادنا ونحافظ عليها. وبلادنا ولله الحمد هي مهبط الوحي، وقبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، ومنطلق العروبة والإسلام، ولهذا أصبح دستورها القرآن الكريم وسنة نبيه الكريم. وجاء اعتدالها في المنهج والمواقف والرؤية معتمدا على أساسها الإسلامي الواضح. فأين تلك الدعوات البشرية والانفعالية لقومية عربية براقة لا أساس لها، وأين هي تلك الأيديولوجيات الكبيرة التي تابعها البعض وأيدها؟ لم تبق أو تصمد لأن أساسها غير حقيقي ولا يتصل بالإسلام ومبادئه، بل تناقضه وتصادمه. وبلادنا هي منطلق العروبة والإسلام، حيث نزل فيها القرآن بلسان عربي، على نبي عربي، وقام أبناؤها بنشر هذه الرسالة الخالدة بأمر المولى عز وجل في أنحاء العالم بشكل معتدل. نحن شرفنا الله بخدمة الحرمين الشريفين، وهي مسؤولية عظيمة نتولاها بكل ما نملك من مقدرات، وما لدينا من شعب وقيادة. شرفنا الله عز وجل أن نخدم قضايا الأمتين العربية والإسلامية، في اعتدال حقيقي يقوم على مبادئ الدين لا على أساس المصالح. وما نملك في بلادنا من ثروات مادية لا ترقى إلى ما نملكه من ثروة العقيدة الإسلامية، والرجال والنساء في بلادنا المخلصين لدينهم وأمتهم. ولقد استعملت بلادنا ولا تزال ولله الحمد والمنة ثرواتها المادية وغير المادية لخير الجميع من العرب والمسلمين، بل والعالم أجمع. وتابع الأمير سلمان: اعتدلنا ولا نزال في سياستنا الخارجية منذ توحيد البلاد على يد المغفور له الوالد المؤسس الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصين في أنحاء الوطن. فصداقتنا معتدلة مع الجميع ونعطي الأولوية لأمتنا العربية والإسلامية. بل وبلادنا معتدلة أيضا في مواجهة خلافات الآخرين، حيث تترك المجال دائما رحبا للعودة والمصالحة دون انتقام أو انعزال أو مصادمة، وهذا هو الاعتدال الحقيقي. واعتدالنا اليوم هو شكر لله عز وجل على ما حبانا من نعمة التوحيد والدين الصحيح، ونعمة الوحدة الوطنية والأمن والاستقرار، التي نتفيأ ظلالها ويحسدنا عليها الكثيرون. وبهذه المناسبة أدعو أبنائي الطلاب وبناتي الطالبات إلى أن يلتزموا بالوسطية والاعتدال في أمورهم وتفكيرهم، لأنها هي الطريق الصحيح الذي سنه لنا الله عز وجل في وسط هذا العالم الذي يموج اليوم بالفكر والآراء، منها ما هو جيد، ومنها ما هو رديء. وهذه البلاد قامت على الاعتدال والعدل منذ تأسيسها قبل أكثر من مائتين وسبعين عاما، واستمرت على منهجها الإسلامي العظيم هذا في عهد الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه) وسار على منهجه أبناؤه الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد (يرحمهم الله)، وسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله (يحفظه الله). وهذا المنهج هو منهجنا جميعا ونحن -بصفتنا مواطنين- مسؤولون عن المحافظة عليه، والالتزام به لأنه أساس قيام بلادنا على الكتاب والسنة النبوية، وأساس وحدتنا في أنحاء هذا الوطن الغالي. خالد الفيصل: المكان والكلام واللحظة لكم سيدي قدم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة، لمحاضرة الأمير سلمان بن عبدالعزيز بقوله: «أتقدم باسمكم جميعا لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بالشكر على تفضله بهذا اللقاء في هذا المساء المبارك، وهذه المحاضرة القيمة التي سوف تتحدث عن مؤسس منهج الاعتدال السعودي للملك الفذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه»، مضيفا: «سيدي هذا الجمع المبارك حضر وكله آذان صاغية لما سوف تقولونه في هذا المساء عن والدكم العظيم.. المكان والكلام واللحظة لكم سيدي فتفضلوا يرعاكم الله».