الأمن هاجس جميع الدول بلا استثناء ووجوده يعزز التنمية ويساهم في تحقيق الرفاه الاجتماعي، وما يعزز ذلك أن الدول المتقدمة اقتصاديا تعيش إلى حد كبير بأمن مستتب، وما أقصده بالأمن المستتب هنا، ليس فقط مواجهة الإرهاب ولكن بمفهومه الشمولي بالحد من الجرائم والسرقات وغيرها. على الجانب الآخر تجد التنمية محدودة إذا لم تكن معدومة في الدول التي تكثر فيها القلاقل ويغيب عنها الأمن، ولعل ما تعيشه دول الربيع العربي خير برهان على ذلك. ما قادني إلى هذه المقدمة الحديث الذي تجاذبته مع الصديق العزيز الأمير عبدالله بن سعود عندما أشار إلى أن التنمية وسيلة لتحقيق الأمن، موضحا أن تحقيق التنمية المستدامة في الاقتصاديات النامية سيؤدي إلى استتباب الأمن فيها، واتفقت كثيرا مع هذه الرؤية رغم أن الكثير يعتقد أن المواجهة الأمنية هي الأفضل لتحقيق الأمن، في حين يرى البعض الآخر أن المواجهة الفكرية هي الوسيلة الأمثل. ويبقى تعدد الآراء وجدليتها إيجابيا لأنه يساهم في عصف ذهني ينتج هنا رؤى جديدة قد تكون أنسب من قناعة شخصية ووحيدة. من يقرأ تاريخ انهيار الاتحاد السوفيتي يجد أن زيادة البطالة وانخفاض دخل الفرد وتراجع التنمية كانت من أهم الأسباب لزعزعة الأمن ثم الانهيار، على الغرار من يرى الآن الأمن الذي تعيشه روسيا يدرك أنه كان نتيجة لتنمية شاملة في جميع القطاعات. ولذا فإن تحقيق التنمية المستدامة في جميع جوانبها البيئية والاجتماعية والاقتصادية سيوفر فرص عمل متنوعة ومجالات استثمارية عدة، وبالتالي زيادة دخل الفرد والأسرة وهذا سيؤدي بشكل غير مباشر إلى القضاء على أوقات فراغ الشباب الذي هو من أهم أسباب انجراف الشباب إلى فكر غير سليم. المأمول أن نعجل من وتيرة التنمية عبر منح صلاحيات أكبر لمجالس المناطق وإشراكها في خطط وأولويات الوزارات السنوية ومنحها صلاحيات الرقابة على الأجهزة التنفيذية، لنشهد تنمية شاملة متوازنة تحقق لنا أمنا مستداما. * رئيس مركز آرك للدراسات والاستشارات [email protected]