في أعقاب الهدوء النسبي الذي اعترى المظاهرات الغاضبة للفيلم المسيء للرسول (صلى الله عليه وسلم) نستطيع أن نتوقف لنستذكر أمورا حدثت من قبل ثلاثة عقود وثلاث سنوات ونتساءل، لماذا عرض هذا الفيلم في ذكرى أحداث 11 سبتمبر مترجما بالعربية مع أنه عرض منذ عام؟ ولماذا جاء مع بداية الانتخابات الأمريكية ؟ من الذي ترجم الفيلم ؟ وهل هناك من دفع تكاليف الترجمة والدبلجة ؟ المعروف أن ترجمته بالعربية تثير العرب، هل هو فك الارتباط بين الولاياتالمتحدة والربيع العربي ؟ أم أن الهدف هو إسقاط أوباما في الانتخابات بعدما تبين أنه متقدم على منافسه بنسبة غير مريحة ؟ كل هذه الأسئلة في حاجة إلى أن نتوقف عندها. لقد بدأت ردود الفعل الأمريكية تحقق الأهداف التي وراء الأزمة، فمستشارو أوباما يقولون إنهم يفكرون في الحد من الأنشطة الدبلوماسية في المنطقة، وفي المقابل اتهم رومني أوباما بالتعاطف مع منفذي الاعتداء. إن المظاهرات واستهداف السفارات وتمزيق العلم الأمريكي واقتحام الجماهير الغاضبة للسفارات تذكرنا بما حدث في إيران من هجوم على السفارة الأمريكية وأخذ الرهائن، كما تذكرنا بما حدث مؤخرا ضد السفارة السعودية في مصر واكتشاف بعض أتباع إيران وراء ذلك، كما تذكرنا مساهمة الاعتداء على السفارة الأمريكية في إيران بسقوط الرئيس جيمي كارتر يومها في الانتخابات. لقد شجعت الولاياتالمتحدةالأمريكية الثورة في مصر، وساعدت الثوار في ليبيا، لكنها تقف اليوم عاجزة أمام العنف الدموي الذي تشهده سورية وكأنها قد توقفت في مسيرتها للتوازن بين دعم الديموقراطية وحماية المصالح الوطنية في منطقة الشرق الأوسط، تماما كما حدث في العراق عندما سعت إلى تحويل العراق إلى الديموقراطية ثم انسحبت وتوقفت لتخلي الساحة للتغلغل الإيراني، لقد تبين لنا أن الولاياتالمتحدة تعرف كيف تنتصر لكنها لا تعرف كيف تستثمر انتصاراتها.