قمعت القيادة الإيرانية المظاهرات العارمة التي اجتاحت إيران احتجاجا على الانتخابات المتنازع على نتيجتها والتي أجريت قبل أسبوعين لكنها انتقلت من الشوارع إلى صراع خلف الستار يقسم المؤسسة الدينية الى معسكرين متنافسين. ومن المتوقع أن يؤكد رجل الدين المحافظ آية الله أحمد خاتمي رسالة الحكومة عندما يلقي خطبة الجمعة ليقول إن انتخابات 12 يونيو حزيران التي أعلن فيها الرئيس محمود أحمدي نجاد منتصرا كانت شرعية ونزيهة. ويخطط أنصار المرشح المهزوم مير حسين موسوي الذي يطالب بإلغاء الانتخابات لإطلاق آلاف البالونات امس الجمعة كتب عليها "ندا. ستبقين دائما في قلوبنا" في تذكار لشابة قتلت الأسبوع الماضي وتحولت إلى رمز للاحتجاجات ونقلت صحيفة تايمز البريطانية عن الدكتور آراش حجازي وهو إيراني التقطت له مشاهد مصورة وبثت على الانترنت وهو يحاول إنقاذ ندا قوله "لقد كانت مجرد شخص في الشارع يقف ضد الظلم الجاري في بلادها ولأجل هذا قتلت." وأضاف حجازي الذي يقول إنه ذهب إلى طهران في زيارة عمل لكنه عاد إلى بريطانيا حيث يقيم خوفا من إلقاء القبض عليه في إيران "شعرت أنها تريد أن تسأل سؤالا.. "لماذا؟"." جرت آخر تظاهرة كبيرة في طهران يوم السبت وأدت سلسلة من التحذيرات والاعتقالات والتهديدات باتخاذ الشرطة لإجراءات إلى إبعاد المظاهرات الكبيرة عن شوارع طهران وحولتها إلى تجمعات صغيرة يفرقها الغاز المسيل للدموع والهراوات الكهربائية. وأدت أسوأ موجة اضطرابات في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979 إلى مقتل ما يقرب من 20 شخصا ما دفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى القول إنه يشعر " بالانزعاج والغضب" من الاجراءات الصارمة التي اتخذت عقب الانتخابات الرئاسية في إيران وهي خامس أكبر مصدر للنفط في العالم. وقال دبلوماسي إن اجتماع مجموعة الثماني في تريستي يخطط لإصدار بيان يستنكر العنف الذي أعقب الانتخابات من أجل حث إيران على تسوية الأزمة من خلال وسائل سلمية وديمقراطية وعلى احترام الحقوق الأساسية ومن بينها حرية التعبير. وأدت إدانة أوباما لأحداث العنف بعد أن كان يحاول تحسين العلاقات مع إيران قبل الانتخابات إلى اتهام الرئيس أحمدي نجاد له بالتصرف مثل سلفه جورج بوش تجاه إيران وقال انه ليست هناك جدوى من الدخول في محادثات مع واشنطن ما لم يعتذر الرئيس الأمريكي. وقال الرئيس الإيراني في رد على تعليقات أوباما "أقول (للولايات المتحدة) إن كل هؤلاء الذين أدلوا بأصواتهم وكل الأمة الإيرانية سيتصدون لهم." وكان أوباما يأمل قبل الانتخابات في تغيير سياسة جورج بوش تجاه إيران وكان يتمنى إقناع طهران بالتخلي عما تعتقد واشنطن أنها خطة لصناعة قنابل نووية وذلك في وقت يسعى فيه إلى دعم إيران في أفغانستان والعراق. وقال موقع موسوي على الانترنت ان السلطات اعتقلت 70 استاذا جامعيا بعد اجتماع عقدوه مع موسوي في دلالة اخرى على ما يبدو لعزم الحكومة سحق المقاومة. وقالت وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء إن الأساتذة أفرج عنهم. وقال موسوي انه يتعرض لضغوط لانهاء طعنه في نتائج الانتخابات وشكا ايضا من اغلاق صحيفته اليومية كلمة سبز واعتقال العاملين بها. وأعلنت لجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك أمس الخميس أن إيران اعتقلت ما يقرب من 40 صحفيا وعاملا بالإعلام خلال الإجراءات الصارمة التي وقعت بعد الانتخابات. وكشف النزاع حول الانتخابات عن خلافات لم يسبق لها مثيل وسط النخبة الحاكمة في إيران. ويحظى موسوي بدعم شخصيات لها نفوذ كبير مثل الرئيسين السابقين علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي وكذلك رجل الدين البارز اية الله العظمى حسين علي منتظري. وانحاز الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الى الرئيس احمدي نجاد وكان في العادة يبقى فوق الخلافات السياسية. وأيد خامنئي نتائج الانتخابات فيما رفض مجلس صيانة الدستور أعلى هيئة تشريعية في إيران الغاء الانتخابات. ونقلت محطة تلفزيون برس تي.في الحكومية عن متحدث باسم المجلس قوله انها كانت " من اكثر الانتخابات التي أجريت في البلاد سلامة على الإطلاق." وقال موسوي انه عازم على مواصلة الطعن في نتائج الانتخابات رغم الضغوط الواقعة عليه للتوقف. ونقل موقع موسوي الالكتروني عنه قوله "حدث تزوير كبير ... وانا مستعد لان أثبت ان من يقفون وراء التزوير هم المسؤولون عن اراقة الدماء." ودعا انصاره الى مواصلة الاحتجاجات "القانونية" وقال ان القيود المفروضة على المعارضة قد تقود الى مزيد من العنف. وقال دبلوماسي اطلع على مسودة البيان إن اجتماع وزراء خارجية مجموعة الدول الثماني الكبرى يصدر بيانا يعلن فيه "استنكاره للعنف الذي أعقب الانتخابات" و"مطالبته لإيران باحترام الحقوق الأساسية ومن بينها حرية التعبير." وقال الدبلوماسي لرويترز إن البيان سيتضمن رسالة بأن "الأزمة يجب أن تسوى من خلال الحوار الديمقراطي والطرق السلمية."