لطالما كانت الهتافات العنصرية والبذيئة والسلوك غير اللائق في مدرجات كرة القدم الشغل الشاغل للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» ولبقية الاتحادات الأهلية، إذ اعتبرت وجودها خطرا، يهدد السكوت عنه بنسف راية اللعب النظيف التي تندرج تحتها المنافسة الشريفة، فأصبحت خطا أحمر يستوجب الوقوف قبله ومجابهة متجاوزيه بأقسى العقوبات الرادعة والإجراءات الصارمة التي تحد منها وتمنعها في المدرجات، ولم تخل ملاعبنا هي الأخرى من وجود حالات قليلة هنا وهناك نجحت من خلالها الاندية إضافة إلى اتحاد القدم الذي دحضها عبر حملات التوعية التي عززتها بتعاليم الشريعة الإسلامية التي ترفض ذلك في كل المجتمعات وتدعو إلى المساواة واحترام الآخر دون عرق أو لون مثلما ترفض وجود الالفاظ النابية والقذف وما يسيء للغير. وبدا واضحا تلاشي مثل هذه التصرفات بشكل كبير في العامين الاخيرين واستيعاب الجماهير الرياضية لدورها في هذا الامر، الذي يمكن أن يخلق أجواء تنافسية مثالية من شأنها الارتقاء بالمسابقات السعودية. يقول رئيس مجلس ادارة نادي الوحدة علي داود: إن ديننا الحنيف يرفض التنابز والعنصرية والإساءات والمسؤولية تقع هنا على ادارة النادي التي يجب أن تضطلع بدورها تجاه توفير المناخ الصحي لكافة شرائح المجتمع السعودي وايا كان انتماؤه الكروي، فما المانع من دخول مشجع اتحادي او أهلاوي مثلا لمقر نادي الوحدة وممارسة هواياته والعكس، فالاندية مطالبة بأن تكون حاضنة لكافة شرائح المجتمع السعودي بعيدا عن أي منافسة، ومثل هذه الخطوات تذيب أي احتقان وتجعل من تنافسنا إيجابيا ومثمرا وممتعا، مشيرا الى ان الجماهير هي صاحبة الفضل في دعم كل المشاركات الوطنية وأنها فاعلة وشريكة في تحقيق الإنجازات التي تضاف للوطن، لذا يجب ان نكون مؤمنين بصفتنا جماهير أو مسؤولين بدورنا في اللحمة الوطنية ونبذ الخلافات والالفاظ التي تسيء وتزيد الاحتقان في الرياضة والبغض بين الجماهير بالتوعية والاقتداء بالسلوك الذي كان عليه رسولنا صلى الله عليه وسلم في الحياة والدين. ويرى الناقد الرياضي عبدالرحمن الرومي أن الجماهير السعودية والاندية تتحمل المسؤولية الأبرز في ذلك، وعليها أن تعكس الصورة التي يفترض ان نكون عليها باعتبارنا مسلمين وخير أمة أجرت للناس، والعمل على تعميق اللحمة الوطنية والتوعية بأن الامر لا يعدو كونه منافسة رياضية شريفة، وهو واقع نعيشه بفضل الله فملاعبنا من أقل الملاعب في العالم التي تتعرض لشغب او هتافات عنصرية وهذا دليل واضح على رقي المجتمع السعودي ووعيه وإدراكه بالمسؤولية الوطنية وانعكاس تأثير الشريعة الاسلامية فينا، والتي تجسد الإخاء بيننا والانتماء لديننا وللوطن الذي نعيش فيه ونبذ التطرف والعنصرية. أما اللاعب والمشرف على كرة نادي الوحدة سابقا عبدالله خوقير فقال يشهد الجميع بفضل الله للجماهير السعودية اخلاصها في تأدية دورها المهني المناط بها وفق الاعراف الرياضية وخصوصا حينما يكون المنتخب السعودي طرفا في المواجهة، فنجدها تذيب كل الالوان تحت لون المنتخب، والاندية السعودية لدينا لعبت دورا مهما منذ القدم في ترسيخ معنى اللحمة الوطنية وفتحت ابوابها لكل الاجيال دونما تفرقة، وهنا يجب ان نعي أن وجود بعض الحالات ليس بالضرورة أن ينعكس على الجميع كونها فردية ونادرة ويتم التعامل معها فورا عبر العقلاء من الجماهير والغيورين على التلاحم الوطني، رياضتنا ظلت وستبقى صورة إيجابية للوحدة التي نعيشها والتلاحم فيما بيننا، والإعلام والإندية لها دور كبير في التوعية بأن السلوك الحضاري في الملاعب يجب أن يكون إيجابيا ومثاليا.