«لن نخسر شيئا إذا تصرفنا برومانسية مثلما يحدث في الأفلام السينمائية، أليس كذلك؟».. هذا ما قاله الكاتب البرازيلي «باولو كويلو»، على لسان أحد أبطال رواياته الشهيرة، وإذا كان معظم الناس يطمحون إلى أن يعاملهم شركاء حياتهم بقدر من الرومانسية، فإن جميع الناس يأملون أن يعاملهم كل شخص يصادفونه في حياتهم بما تستحقه إنسانيتهم من لطف واحترام وتقدير. وكلما ازدادت متطلبات الحياة ومسؤولياتها وتفاصيلها تعقيدا وصعوبة تضاعفت حاجة الإنسان لنيل حقه المشروع من تلك المعاملة التي تؤكد له إنسانيته، وتساعده في تجاوز أوجاع الحياة بألم أقل، وأمل أكثر. لهذا يحكى أن نابغة الفلسفة اليونانية «أفلاطون» أوصى أحد تلاميذه قائلا: «تعامل مع الجميع بلطف؛ لأن كل شخص تقابله يقاتل بشراسة في معركة ما». قد يسأل أحدهم سؤاله السلبي المعتاد: «ولماذا أعامل الآخرين بلطف ماداموا لا يعاملونني بمثل هذا اللطف؟!»، وهنا نجيب: لطفك الاستثنائي سيؤدي إلى «عدوى اللطف» بين الآخرين ممن سيكتشفون للمرة الأولى مدى جاذبيته لأرواحهم، أما أولئك الذين يتعاملون بعصبية وشراسة غير مبررة مع الجميع فهم أشخاص يعانون من مشكلة لا تراها، قد تكون مشكلة مؤقتة تؤدي إلى سوء مزاج مؤقت، كالمشكلات الأسرية، والصحية، والمادية، التي تستحق منا بعض الصبر والتفهم، وقد تكون مشكلة نفسية معقدة مغروسة في صلب ذواتهم لا يرونها هم. وهؤلاء المعقدون، المختلون في ذواتهم، لا يستحقون من ذواتنا الكبيرة ونفوسنا السوية إلا الشفقة الداخلية، والتعامل الظاهري معهم برفق يشبه تعامل الممرضات مع المرضى، أو تجاهلهم على أكثر تقدير، وهي معاملة كفيلة بالانتقام السلمي من جنونهم الخطير الذي لا يزيد تأجيجه في أعماقهم مثل ابتسامة صغيرة مشرقة وصوت لطيف مفعم بالبهجة، والانتعاش، وحب الحياة، وبرودة الأعصاب. للتواصل عبر تويتر: Twitter @zainabahrani [email protected]