التضخم البيروقراطي في الأقطار العربية بكافة أصعدتها وتراتبيتها المؤسسية والسياسية يضعنا أمام عنقودية المشكلات الطويلة التي لا يمكن حلها بسهولة، بل هي تفضي إلى مشكلات أبعد وأكثر عمقا. المشكلات الإدارية تضيع في وسط معمعة البيروقراطية العربية التي تأسست على أنظمة عمل ريعية أكثر منها إنتاجية. الفساد الإداري تبدأ جذوره من هذا التضخم البيروقراطي التسلسلي بحيث لا يمكن بسهولة القبض على مبتدى الفساد ومنتهاه؛ فضلا عن تغلغله في الأوساط الاجتماعية التي تربت على الرؤية الريعية، والاقتصاد الخراجي التقليدي أكثر من تربيها على الاقتصاد الإنتاجي. في كتابه: (تضخم الدولة العربية) يذكر نزيه الأيوبي أن تضخم البيروقراطية ما هي إلا أداة للسيطرة، وقد بدأ ذلك في السياسات المصرية قبل غيرها، وإذا كانت رؤية الأيوبي سليمة في تحليلها والوقوف على مكامن الخلل، فإن مفهوم التضخم البيروقراطي وتشعباته الطويلة ليست في الأخير (حسب فهمي) إلا نوعا من التنظيم السياسي في أكثرية الدول العربية لخلق فجوة بين قاعدة الهرم المؤسسي المجتمعي وبين رأسها في تداخلات يصعب على الإنسان إلا أن يمضي بها بشكل واعٍ أو غير واعٍ في سيكولوجية المجموع البشري، والانخراط يعني التورط في إشكاليات العمل البيروقراطي التي تسمح تشعباته الطويلة في تمرير ما يمكن تمريره لذلك تستغرب جرأة الكثير من المسؤولين على تجاوز الأنظمة وفتح آفاق تغيب عن المواطن العادي، لكنها تفتح بواباتها للمسؤولين والمتنفذين في المجتمع دون غيرهم. العمل البيروقراطي أشبه ما يكون بالدهليز، وإن كان مقصده تنظيميا في البداية مع ماكس فيبر، لكنه ليس بشكله الحالي الذي يعتمد على الرؤية الريعية، وإنما كان يعتمد على الرؤية الإنتاجية، لذلك فالعمل العربي يهتم بالطريقة وليس بالمضمون، ومن هنا سمح للفساد أن يتغلغل في مكامنه، مما صعب القضاء عليه لاحقا. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 402 مسافة ثم الرسالة